للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الفراء: " أراد بقوله: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} تلك الساعة وذلك القدر من الوقت الذي لا ينطقون فيه، كما يقول: آتيك يوم يقدم فلان، والمعنى ساعة يقدم وليس المراد باليوم كله، لأن القدوم إنما يكون في ساعة يسيرة، ولا يمتد في كل اليوم (١).

وقال الطبري: " وقوله: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} يخبر عنهم أنهم لا ينطقون في بعض أحوال ذلك اليوم، لا أنهم لا ينطقون ذلك اليوم كله.

فإن قال: فهل من بُرهان يعلم به حقيقة ذلك؟ قيل: نعم، وذلك إضافة يوم إلى قوله: (لا يَنْطِقُونَ) والعرب لا تُضيف اليوم إلى فعل يفعل، إلا إذا أرادت الساعة من اليوم والوقت منه، وذلك كقولهم: آتيك يومَ يقدمُ فلان، وأتيتك يوم زارك أخوك، فمعلوم أن معنى ذلك: أتيتك ساعة زارك، أو آتيك ساعة يقدُم، وأنه لم يكن إتيانه إياه اليوم كله، لأن ذلك لو كان أخذ اليوم كله لم يضف اليوم إلى فعل ويفعل، ولكن فعل ذلك إذ كان اليوم بمعنى إذ وإذا اللتين يطلبان الأفعال دون الأسماء " (٢).

وقال ابن عطية: " أي يوم القيامة أسكتتهم الهيبة وذل الكفر، و (هذا) في موطن قاض بأنهم (لا ينطقون) فيه إذ قد نطق القرآن بنطقهم ربنا أخرجنا، ربنا أمتنا، فهي مواطن " (٣).

حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن المقصود بقوله لا ينطقون أي


(١) معاني القرآن / الفراء، ج ٣، ص ٢٢٦.
(٢) جامع البيان / الطبري، ج ٢٩، ص ٢٨٩.
(٣) المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٤٢٠.

<<  <   >  >>