للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر " (١).

وردّ أبو حيان ما اختاره الرازي بقوله: " وقد أثنى على هذا الذي اختاره، وليس بشيء، لأنه بناه على أن الضمير في رأوا عائد على المدعوين، قال: وهم الأصنام. والظاهر أنه عائد على الداعين، كقوله: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (٢) ولأن حمل مهتدين على الأحياء في غاية البعد، لأن ما قدره هو جواب، ولا يشعر به أنه جواب، إذ صار التقدير عنده: لو كانوا من الأحياء رأوا العذاب، لكنها ليست من الأحياء، فلا ترى العذاب ألا ترى إلى قوله: فلا جرم ما رأت العذاب؟ (٣).

حجة من قال: إن المراد بالرؤية أي في الدنيا:

احتج هؤلاء باللغة حيث قالوا: إن الكلام على حذف مضاف تقديره: ورأوا آثار العذاب في حياتهم.

قال ابن عاشور محتملاً هذا القول أيضاً: " المراد بالعذاب عذاب الدنيا، والكلام على حذف مضاف تقديره: ورأوا آثار العذاب، والرؤية بصرية، أي وهم رأوا العذاب في حياتهم أي رأوا آثار عذاب الأمم الذين كذبوا الرسل وهذا في معنى قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ


(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٩، ص ٩.
(٢) سورة البقرة، الآية (١٦٦).
(٣) البحر المحيط / أبو حيان، ج ٧، ص ١٢٤.

<<  <   >  >>