للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جبل أحد قبور الشهداء الذين قُتلوا يوم أحد، بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ليس منها قبر معلوم، إلّا قبرُ حمزة -رضي الله عنه-، ومعه في القبر ابن أخته عبد الله بن جحش، وعليه قُبة عالية، ومشهد محكم البناء (١)، بنته أم الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء في سنة تسعين وخمس مئة.

وشمالي مشهد حمزة -رضي الله عنه- آرام (٢) من حجارةٍ يُقال إنها من قبور الشهداء وكذلك غربي المشهد أيضًا آرام من حجارة يقال إنها من قبور الشهداء. ولم يثبت ذلك بنقل صحيح، وقد ورد في بعض كتب المغازي أن هذه القبور قُبورُ أناس ماتوا عام الرمادة (٣) في خلافة عمر -رضي الله عنه-.

ولا شك أن قبور الشهداء -رضي الله عنه- م حولَ قبر حمزة -رضي الله عنه-، إذْ لا ضرورةَ أن يبعدوا عنه. وعند رجلي حمزة -رضي الله عنه- قبرٌ لا يتوهم من يراه أنه من قبور الشهداء، بل هو قبر رجل تركي كان مُوَليًا (٤) عمارة المشهد الكريم، يُقال له سنقر تُوفي فدُفن هناك، وكذلك في صحن المشهد قبرٌ قريب من الباب دفن فيه بعض الأشراف من أمراء المدينة الشريفة. تحت جبل أحد من جهة القبلة لاصقًا بالجبل مسجدٌ صغير (٥) قد تهدم بناؤه يقال إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلى فيه الظهر والعصر يوم أحد بعد انقضاء القتال. وفي جهة القبلة من هذا المسجد موضع


(١) وقد أزيلت كثير من هذه البدع في العهد السعودي.
(٢) آرام: جمع مفردة إرم وهي حجارة تنصب أعلامًا على طريق أو قبر ونحوه. ابن منظور ج ١ ص ٥٠.
(٣) عام الرمادة: هو عام جدب وقحط وقع في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هلك فيه الناس والأموال وسمي بذلك لترمد الناس حتى صارت ألوانهم مثل الرماد، وقيل إنها عدة أعوام تتابعت في عهده، فأعفى الناس من دفع الصدقات تخفيفًا عنهم.
(٤) في (ب) و (ص) متوليًا.
(٥) هذا المسجد هو مسجد الفسح، وقد ذكره السمهودي باسم القبيح، ويبدو أنه وقع في اسمه تصحيف، إذ يقال إنه نزلت فيه آية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} وكان يقع بعد ميدان المعركة يمينًا باتجاه الشعب الواقع هناك نحو الشمال لاصقًا بالجبل. السمهودي ج ٣ ص ٨٤٨.

<<  <   >  >>