للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطن الوادي، وادي رانوناء (١) فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، قلت: وهذا المسجد عن يمين السالك إلى مسجد قباء (٢) شماليه أطم خراب يُقال له المُزدلف، أطم عتبان بن مالك (٣)، وهو في بطن الوادي كما تقدم، وهو مسجد صغير جدًّا مبني مُحوَّط بحجارةٍ قَدر نصف القَامة، وهو الذي كان السيل يحول بينه وبين عتبان بن مالك إذا سال، لأن منازل بني سالم بن عوف كانت غربي هذا الوادي على طرف الحرة، وآثارهم باقية هناك. فسأل عتبان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يصلي له في بيته في مكان يتخذه مصلى، ففعل -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ومسجد الفَضِيخ ويُعرف الآن بمسجد الشمس، وهو شرقي مسجد قباء على شَفير الوادي، على نشز من الأرض، مرضوم بحجارة سود، وهو صغير جدًّا. ذُكر عن محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحارث بن الفُضيل، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- ما، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما حاصر بني النضير ضرب قبته في موضع مسجد الفضيخ، وأقام بها ستًا، وقال: جاء تحريم الخمر وأبو أيوب في نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في موضعه، معهم رَاويةُ خمرٍ من فضيخ،


(١) وادي رانوناء: هو أحد أودية المدينة يقع في الجنوب الغربي منها، وغربي مسجد قباء، ينحدر أعلاه من جبيلات وحرات تقع شرق جبل عير، في الحي المعروف اليوم بالشيبية ويقع في أوسطه مزارع العصبة، ولها ذكر قديم يعود إلى صدر الإسلام، ويلتقي أسفله ويصب في وادي بطحان في جنوب باب قباء. وقد كان يقوم في أعلى هذا الوادي سد عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان في شمال الحديقة المركزية الحالية فيما يبدو. وقد عثر الأستاذ الأنصاري على نقوش وكتابات عدة في أعلى هذا الوادي. انظر السمهودي ج ٣ ص ١٠٧٢، ج ٤ ص ١٢١٦. عبد القدوس الأنصاري: آثار المدينة المنورة ص ٢٢٩ - ٢٣٢.
(٢) ما زال يقع في هذه الناحية بقرابة ثلاث مئة متر شمال مسجد قباء يمين طريق قباء النازل بمسافة قليلة مسجد يعرف بمسجد الجمعة.
(٣) عتبان بن مالك: صحابي جليل من الأنصار آخى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بينه وبين عمر بن الخطاب حين قدم المدينة، شهد بدرًا وأحدًا والخندق، وتوفي في خلافة معاوية. ابن سعد: الطبقات الكبرى ج ٣ ص ٥٥٠.

<<  <   >  >>