للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر أبو أيوب -رضي الله عنه- بِعَزْلاء المزادة (١) ففُتحت فسال الفضيخُ فيه، فسُميَ مسجد الفضيخ (٢).

ومسجد بني قريظة، وهو شرقي مسجد الشمس، بعيدًا عنه، بالقرب من الحرة الشرقية، على باب حديقة تُعرف الآن بحاجِزة، وقف للفقراء (٣) بين أبيات خراب، هي بعض دور بني قريظة، شمالي باب الحديقة، وحوله أُناس نزول من أهل العالية، وكان بناؤه مليحًا على شكل بناء مسجد قباء، وطوله نحو من خمسة وأربعين ذراعًا، وعرضه كذلك، وكان فيه أساطين وعقود ومنارة، في مثل موضع منارة قباء. قال الشيخ محب الدين بن النجار (٤): وكان فيه نحو من ست عشرة أسطوانة، فتهدم على طول الزمان، ووقعت منارته، وأثرها اليوم باقٍ يُعرف به، وأُخِذت أحجاره جميعها.

قلت: وبقي أثره إلى العشر الأُول بعد السبع مئة، فجدد وبني عليه حظير (٥) مقدار نصف قامة./

وكان قد نُسي فمن ذلك التاريخ عُرف مكانه، وكان الذي بناه عمر بن عبد العزيز- -رحمه الله- - عند بناء مسجد قباء بأمر الوليد بن عبد الملك، وهو واليه على المدينة. ونقل محمد بن الحسن عن المعلى بن عيسى من ولد


(١) عزلاء المزادة: المزادة هي السقاء الكبير، والعزلاء هي ثقب أو فم في أسفله. السيوطي: الديباج ج ٢ ص ٣٢٢؛ الأبادي: عون المعبود ج ١٠ ص ١٢٣.
(٢) مسجد الفضيخ: الفضيخ هو عصير العنب ويطلق أيضًا على شراب من البسر المفضوخ أي المشدوخ أو المكسر. ولا يزال هذا المسجد في الموضع الذي ذكره المؤلف مبنيًا بالحجارة السوداء وذا عقود وقبة في وسطه وفناء، وقد وقفت عليه. وصوره بعض مؤرخي المدينة المحدثين. انظر أيضًا: ابن منظور ج ٤ ص ١١٠٤؛ السمهودي ج ٣ ص ٨٢١ - ٨٢٢؛ الخياري: تاريخ معالم المدينة ص ١٢٣ - ١٢٤.
(٣) في الأصل الفقراء، والصحيح ما أثبتناه من (ب) و (ص).
(٤) ابن النجار: الدرة الثمينة ص ١١٦.
(٥) في الأصل حضير.

<<  <   >  >>