للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدة ثلاثة أشهر تدب دبيب النمل، تأكل كل ما مرت عليه من جبل وحجر ولا تأكل الشجر (١) فَتُثير كلما مرت عليه فيصير سدًا لا مسلك فيه، لإنسان ولا دابة، إلى منتهى الحرة من جهة الشمال، فقطعت في وسط وادي الشظاة المذكور إلى جهة جبل وعيرة، فسدت الوادي المذكور بسد عظيم بالحجر المسبوك بالنار، ولا كسد ذي القرنين، لا يصفه إلّا من يراه طولًا وعرضًا وارتفاعًا، وانقطع وادي الشظاة، بسببه وصار السيل إذا سال ينحبس خلف السد المذكور، وهو واد عظيم فتجتمع خلفه المياه حتى يصير بحرًا مد البصر عرضًا وطولًا، كأنه نيل مصر عند زيادته، شاهدته (٢) كذلك في شهر رجب من سنة سبع وعشرين وسبع مئة.

وأخبرني الشيخ صالح علم الدين سنجر العزي، من عتقاء الأمير عز الدين منيف بن شيحة صاحب المدينة -رحمه الله-، قال: أرسلني مولاي الأمير المذكور بعد ظهور النار بأيام، ومعي شخص من العرب يسمى خطيب بن سنان، وقال لنا، ونحن فارسان: اقْرُبَا من هذه النار فانظرا هل يقدر أحد على القرب منها، فإن الناس هابوها لعظمها، فخرجت أنا وصاحبي إلى أن قربنا منها، فلم نجد لها حرًا، فنزلت عن فرسي، وسرت إلى أن وصلت إليها، وهي تأكل الصخر والحجر فأخذت سهمًا، من كنانتي ومددت بيدي


(١) هذا من المبالغات ولم يثبت هنا أن النار تخلت عن خواصها في أكل الشجر، وليس ذلك الزمن أو المكان- وهو تلك الحرة- بزمن أو مكان معجزات على الرغم من تعليل المؤلف بعد قليل.
(٢) الضمير في شاهدته يعود إلى نيل مصر حيث كان المؤلف في مصر بتلك السنة.

<<  <   >  >>