للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسحاق في سيرته، في غزوة العشيرة (١) أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سلك على نقب بني دينار، ثم على فيفاء الخبار، ونزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر (٢)، يُقال لها ذات الساق، فصلى عندها فَثمَّ مسجده، وصُنِعَ له طعام عندها، فأكل منه، وأكل (٣) الناس معه، فموضع أثافي البُرمة معلوم هناك، واستُقيَ له من ماء يُقال له المشيرب (٤).

قلت: وفيفاء الخبار غربي الجماوات المذكورة قبلُ، وهي الجبال التي في غربي وادي العقيق، وهي أرض فيها سهولة، وفيها حَجرَة وحفاير. والفيفاء بفاءين بينهما ياء مثناة من تحت، والخبار بخاء معجمة وباء موحدة ثم ألف وراء مهملة، وهو الموضع الذي كانت ترعى فيه إبل الصدقة ولقاح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنه ورد في رواية أنها إبل الصدقة، وفي أخرى أنها لقاح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنها كانت ترعى بذي الجُدُر (٥) غربي جبل عير، على ستة أميال من المدينة، والروايتان صحيحتان، ووجه الجمع أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كانت له


(١) غزوة العشيرة: العشيرة تصغير لواحدة شجر العُشَر، وهو شجر يكثر في الحجاز، وهي هنا موقع بالقرب من ينبع النخل، تنسب له غزوة العشيرة، وقد كان مسجده معروفًا في زمن السمهودي، والعشيرة اليوم قرية معروفة هناك. انظر السمهودي: وفاء ج ٣ ص ١٠٢٦.
(٢) بطحاء بني أزهر: لم أجد لها تعريفًا وأرجح أنها أول فيفاء الخبار، ووصفها بأنها بطحاء يرجح أنها أرض سهلة، وهذا ينطبق على حي الفيصلية المعروف.
(٣) في الأصل فأكل، وما أثبتناه من (ب) و (ص).
(٤) المشيرب: يبدو أنه غدير أو مجرى ماء يقع في فيفاء الخبار، وهو غير المشيرب الواقع في شمال ذات الجيش لبعد الأخير.
(٥) ذو الجدر: قاع أو وادٍ بدليل ما يفيده النص حيث كانت ترعى فيه الإبل، وقد حدده المؤلف بأنه يقع غربي جبل عير، وحدده العياشي بأنه في أعلى بطحان قرابة أربعة أكيال جنوب مسجد قباء حيث يوجد قاع هناك ينطبق عليه الوصف، والموقعان محتملان إلّا أن رأي العياشي أرجح على أن يفهم رعي إبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيه بمعزل عن غزوة العشيرة المشهورة لأنه يقع في ناحية بعيدة عن اتجاهها. إلّا أن يكون ذلك تعمية من القوم حيث أخذوها من جنوب المدينة وساقوها طويلًا واتجهوا بها إلى أقصى غرب المدينة.

<<  <   >  >>