للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بألواح الرصاص، وعمل مكان الحظير الآخر شباك خشب، وتحته بين السقفين أيضًا شباك خشب يحكيه، وفي سقف الحجرة الشريفة بين السقفين ألواح قد سُمِّر بعضها إلى بعض، وسُمر عليها ثوبٌ مشمع (١). وفيه طابق مقفل (٢) إذا فتح كان النزول منه إلى ما بين حائط بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، وباب بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من جهة الشام، هكذا نقَل أهلُ السير.

وكانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- ا قد بَنَتْ بعد موت عمر -رضي الله عنه- ودفنه مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه- حائطًا بينها وبين القبور، وبقيت في بقيّة البيت من جهة الشام، وقالت إنما كان أبي وزوجي، فلما دفن عمر تحفظت في لباسها ثم بنت الحائط المذكور بينها وبين القبور. ولم يرد أن أحدًا دخل بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد بناء عمر بن عبد العزيز لهذا الحائز، إلّا ما حكاه الشيخ محب الدين بن النجار (٣) في تاريخه، أنه في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة سمع من داخل الحجرة الشريفة هدّة (٤)، وكان الوالي على المدينة الشريفة يومئذ الأمير قاسم بن المهنا بن الحسين بن المهنا الحسيني (٥)، وكان ممن له إلمام بالعلم فذكروا له ذلك، فقال: ينبغي أن ينزل هناك شخص من أهل الدين والصلاح، فلم يجدوا يومئذ في الجماعة الموجودين من المجاورين أمثل حالًا من الشيخ


(١) ثوب مشمع: أي ثوب غليظ مغموس في الشمع المذاب ونحوه، ومنه في زماننا قماش الأشرعة والخيام.
(٢) في الأصل يقفل، والصحيح ما أثبتناه من (ص).
(٣) ابن النجار: الدرة الثمينة ص ١٤٢.
(٤) هَدّة: رجفة أو صوت سقوط شيء.
(٥) هو أبو فليتة أمير المدينة في أيام الخليفة العباسي المستضيء، وكان السلطان صلاح الدين يستصحبه في غزواته وكان يقربه ويجلسه على يمينه، وقد تولى إمرة المدينة خمسة وعشرين عامًا، ووصف بأنه جميل النقيبة ذو رأي سديد. السخاوي: التحفة اللطيفة، ج ٣ ص ٤٠٤.

<<  <   >  >>