للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يروي الدكتور "عبد الكريم جرمانوس" خلفيّات اهتدائه إلى الإسلام فيقول: "كان ذلك في عصر يوم مطير، وكنتُ ما أزال في سنّ المراهقة، عندما كنتُ أقلِّب صحائف مجلّة مصوّرة قديمة، تختلط فيها الأحداث الجارية مع قصص الخيال، مع وصف لبعض البلاد النائية؛ بقيت بعض الوقت أقلِّب الصحائف في غير اكتراث إلى أن وقعت عيني فجأة على صورة لوحة خشبيّة محفورة استرعت انتباهي، كانت الصورة لبيوت ذات سقوف مستوية تتخلّلها هنا وهناك قباب مستديرة ترتفع برفق إلى السماء المظلمة التي شقّ الهلال ظلمتها..

ملكت الصورة عليَّ خيالي.. وأحسستُ بشوق غلاّب لا يقاوم إلى معرفة ذلك النور الذي كان يُغالب الظّلام في اللّوحة.. بدأتُ أدرس اللّغة التركيّة، ومن ثمّ الفارسيّة فالعربيّة. وحاولتُ أن أتمكّن من هذه اللّغات الثلاث حتّى أستطيع خوض هذا العالم الروحيّ الذي نشر هذا الضوء الباهر على أرجاء البشريّة".

وفي إجازة صيف كان من حظّه أن يُسافر إلى البوسنة وهي أقرب بلد شرقيّ إلى بلاده. وما كاد ينزل أحد الفنادق حتّى سارع إلى الخروج لمشاهدة المسلمين في واقع حياتها.. حيث خرج بانطباع مُخالف لما يُقال حول المسلمين.. وكان هذا هو أوّل لقاء مع المسلمين. ثمّ مرّت به سنوات وسنوات في حياة حافلة بالأسفار والدراسات، كان مع مرور الزّمن تتفتّح عيونه على آفاق عجيبة وجديدة.

ورغم تطوافه الواسع في دنيا الله، واستمتاعه بمشاهدة روائع الآثار في آسيا الصغرى وسوريا، وتعلّمه اللّغات العديدة وقراءاته لآلاف الصفحات من كتب العلماء، قرأ كلّ ذلك بعين فاحصة: "ورغم كلّ ذلك فقد ظلّت روحي ظمأى" كما يقول.

<<  <   >  >>