فأدركت بأنَّه من الخطأ -في نهاية الأمر- إدانة هذا الرجل المقدَّس بعد قراءتي عن الإنجازات الَّتي حقَّقها للبشريَّة. فالنَّاس الَّذين كانوا في الجاهليَّة يعبدون الأصنام، ويعيشون على الجريمة، وفي القذارة والعُري، علَّمهم (عليه الصَّلاة والسَّلام) كيف يلبسون، واستُبدلت القذارة بالطهارة، واكتسبوا كرامةً شخصيّةً واحتراماً ذاتيّاً، وأصبح كرم الضِّيافة واجباً دينيّاً، وحُطِّمت أصنامهم، وبدأوا يعبدون الله تعالى الإله الحق. وأصبحت الأمَّة الإسلاميَّة هي المجتمع الشَّامل القويُّ والأكثر منعةً في العالم. وأُنجزت الكثير من الأعمال الخيِّرة والَّتي هي من الكثرة بحيث لا يمكننا ذكرها هنا. فكم من المحزن -أمام كلِّ هذا، وأمام صفاء عقله (صلَّى الله عليه وسلَّم) - حين نفكِّر كيف استطاع المسيحيُّون أن يحطُّوا من شخصه الكريم. واستحوذني تفكيرٌ عميق، وخلال لحظات تأمُّلاتي زارني سيِّدٌ هنديٌّ اسمه "معن أمير الدِّين"، وكان من الغريب حقّاً أنَّه هو الَّذي أعطى النار الَّتي في حياتي الهواء لتزداد اشتعالاً. فتأمَّلت في المسألة بشكلٍ عميق؛ وقدَّمت الحجَّة تلو الأخرى مُتحاملاً على الدِّين المسيحيِّ المعاصر، ومستنتجاً كلَّ شيءٍ لصالح الإسلام، وشاعراً بالاقتناع أنَّه دين الحقِّ، واليُسْرِ، والتَّسامحِ، والإخلاص، والأُخوَّة.
لم يعد لي الآن سوى القليل من الزَّمن لأعيش على هذه الأرض، وأريد أن أكرِّس كلَّ ما بقي لي في خدمة الإسلام.
وهذه قصة اسلامه من كتاب "لجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء"بقلم محمد كامل عبد الصمد:
ولد ونشأ بين أبوين مسيحيين ... وولع بدراسة اللاهوت وهو في سن مبكرة، وارتبط بالكنيسة الإنجليزية وأعطى أعمال التبشير كل اهتمامه.