للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا تركنا جانباً عواطف الدهشة والاستنكار، ثم حاولنا أن نناقش أقوال القمص باسيليوس من الناحية الموضوعية، طالعنا منذ البداية أنها قد بنيت فى جملتها على المغالطة والبعد عن الصواب، فلا مراء ولا جل فى أنه لا علاقة للقرآن الكريم الذى نزل من عند الله بألفاظه ومعانيه بتلك الكلمات الدارجة التى أتى بها القمص لتأييد ثالوثه، فهذه الكلمات لم ترد فى القرآن، ولم تنزل على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.

ومع تسليمنا بأن هذه الألفاظ قد يستعملها الناس مسلمين وغير مسلمين فى أحاديثهم، فإنه لا علاقة لتلك الألفاظ مطلقاً بأحلام القمص الثالوثية، فالمسلم حين يقسم بالله العظيم مرة واحدة، وحين يكرر قسمه أحياناً مرتين أو ثلاثة، أو أكثر من ذلك أو أقل ليؤكد عزمه على الوفاء بقسمه، أو حين يعزم على طلاق زوجته فينطق بصيغة الطلاق قائلاً لها: أنت طالق، وأحياناً يردد تلك الصيغة مرة أو مرات ليؤكد تصميمه على إيقاع الطلاق.. هذه الألفاظ التى تخضع فى صيغتها وفى عدد مرات تكرارها للبيئة والعرف والعادات الاجتماعية، والتى تختلف صيغتها وتكرار ترديدها من مجتمع إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى، على اختلاف دياناتها ومعتقداتها، مثلها فى ذلك مثل الأمثال العامية التى تقول إن المرة الثالثة ثابتة، أو العدد عشرة يجلب الحظ والعدد ١٣ يجلب النحس.. هذه الأقوال والأمثال فى جملتها مستخرجة من ظروف وتاريخ الشعب الذى يستعملها ويسير عليها، بصرف النظر عن معتقداته وأديانه، فليس ثمة علاقة بين هذه الألفاظ وبين أى دين من الأديان.

كما أنه من الغرابة بمكان أن نحاول إثبات أو أنفى عقيدة دينية تتعلق بذات الله باستجلاب الألفاظ والأمثال العامية التى وضعها الناس لحكم معاملاتهم المادية واحتكاكاتهم السوقية!

<<  <   >  >>