للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشرع كاتب ثالوثى آخر فى محاولة إثبات الثالوث والبرهنة عليه من القرآن، ولكن بطريقة أخرى مغايرة لطريقة القمص باسيليوس، ذلك هو الأستاذ يس منصور يقول سيادته: " إن الإسلام يذكر حوالى تسعاً وتسعين اسماً لله، أى أن صفات الله الحسنى نحو ٩٩ صفة، وهذه الصفات متباينة ومختلفة، تناقض إحداها الأخرى، بحيث لا يمكن التوفيق بينها فى الذات الواحدة، إلا إذا آمنا بالتثليث، فمن أسماء الله الحسنى: الضار المنتقم، ومنها: العفو الرءوف، ومنها: القدوس البار " [التثليث والتوحيد ص ١٠٥]

ويستطرد الكاتب قائلاً: " كيف يكون الله منتقماً وغافراً معاً؟ .. فالمنتقم يدل على انتقامه من المذنب انتقاماً بلا تساهل، أما الغفور فيدل على تبريره للمذنب تبريراً شاملاً "

ويضيف قائلاً: إنه لا يمكن التوفيق بين هذه الصفات المتناقضة إلا بالقول بالتثليث.

ويعنى كاتبنا "الألمعى" أن نقوم بتوزيع أسماء وصفات الله الحسنى على أفراد الثالوث الإلهى، بحيث يكون لكل أقنوم أو إله من آلهة الثالوث عدة أسماء وصفات متوافقة مع بعضها وإن اختلفت مع أسماء وصفات الإله الآخر، فيكون الله الآب مثلاً هو الضار المنتقم، ويكون الله الابن هو العفو الرءوف الغفور، ويكون الله الروح القدس البار.

وقد يبدون هذا الرأى فى البداية -لبعض الناس - أنه متوافق مع المنطق، ولكن هؤلاء إذا ما تمهلوا قليلاً، لتبينوا أن هذا الرأى قد وصل إلى حال من البساطة والسذاجة فاقت كل تصور!

إن الأستاذ يس منصور فى رأيه هنا يعتنق مذهب الثنوية الذى كان منتشراً فى بلاد الفرس القديمة إبان الوثنية، والذى كان يقسم الآلهة إلى قسمين متعارضين، كل إله منها يحمل صفة مناقضة لصفة الإله الآخر، وكل إله منها يقوم بعمل لا يقوم به الإله الآخر، فهذا إله الخير، وذاك إله الشر، وهذا إله النور، وذاك إله الظلام، وهذا إله الحرب، وذاك إله السلام.. وهكذا..

<<  <   >  >>