للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت المراحل التالية في حياتي هي بايجاز: العمل في ما بين عامي ١٩٥٤ و١٩٨٠ ناقدا متخصصا للباليه في صحف في المانيا وبريطانيا واميركا، والعمل محاضرا لمادتي تاريخ وعلم جمال الباليه بمعهد كولونيا للباليه في ما بين عامي ١٩٧١ و١٩٧٣، وتقدمت بمذكرات الى وزير الثقافة الألماني حول تأسيس باليه قومي الماني. ولم يكن بعض معارفي يعلم ان القانون والدبلوماسية هما مهنتي الاساسية، وليس الباليه. وكان الكتاب الاثير حقا عندي، هو كتاب جيلبرت وكونز عن تاريخ علم الجمال كعلم فلسفي. وكعاشق للباليه، ذلك الفن المجرد الذي يجسد الموسيقى، كنت في الواقع ابحث عن الاسباب التي ترغمنا على الاحساس بجمال اشياء او حركات بعينها. ولهذا السبب، كنت اقبع لأسابيع طويلة في احدى الغابات البافارية باحثا في اسس علم جمال الحركة. وهناك تبين لي اننا كبشر لا نملك الا ان نحس جمال الجسد البشري الصحيح وما يتطابق مع مقاييسه. وهو ما ينطبق ايضا علينا كمحللين بصريين لما تفرزه الطبيعة من صور وانواع. يضاف الى ذلك اننا نقرأ الصور في ذات الاتجاه الذي نكتب فيه. وتبين لي اخيرا ان الحركات تستحوذ على انتباهنا بسبب ما يمكن ان تنطوي عليه من مخاطر. وتبين لي آخرا اننا نعجب بحركات الطرد المركزي، لاننا نستطيع ان نتخيلها ممتدة في ما لا نهاية. عبر هذا الطريق، صار الفن الاسلامي بالنسبة لي تجربة مهمة ذات قيمة عالية ومثيرة، ألا يماثل في سكونه تماما ما اسعدني في حركات الباليه، التجريدية: القدرة الانسانية، والحركة الداخلية، والامتداد في ما لا نهاية؟ وذلك كله في اطار الروحانية التي يتسم بها الاسلام.

<<  <   >  >>