وفي اليوم التالي لهذه الحادثة ذهبت إلى عملي، وفي رأسي ألف سؤال حائر، إذ كانت الآية الكريمة التي قرأتها قد وضعت الحد الفاصل لما كان يؤرقني حول طبيعة عيسى عليه السلام، أهو ابن الله كما يزعم القسيس – تعالى الله عما يقولون - أم أنه نبي كريم كما يقول القرآن؟ فجاءت الآية لتقطع الشك باليقين، معلنة أن عيسى، عليه السلام، من صلب آدم، فهو إذن ليس ابن الله، فالله تعالى {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} . تساءلت في نفسي عن الحل وقد عرفت الحقيقة الخالدة، حقيقة أن "لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله". أيمكن أن أشهر إسلامي؟ وما موقف أهلي مني، بل ما موقف زوجي ومصير أبنائي؟ طافت بي كل هذه التساؤلات وغيرها وأنا جالسة على مكتبي أحاول أن أؤدي عملي لكني لم أستطع، فالتفكير كاد يقتلني، واتخاذ الخطوة الأولى أرى أنها ستعرضني لأخطار جمة أقلها قتلي بواسطة الأهل أو الزوج والكنيسة. ولأسابيع ظللت مع نفسي بين دهشة زميلاتي اللاتي لم يصارحنني بشيء، إذ تعودنني عاملة نشيطة، لكنني من ذلك اليوم لم أعد أستطيع أن أنجز عملا إلا بشق الأنفس. وجاء اليوم الموعود، اليوم الذي تخلصت فيه من كل شك وخوف وانتقلت فيه من ظلام الكفر إلى نور الإيمان، فبينما كنت جالسة ساهمة الفكر، شاردة الذهن، أفكر فيما عقدت العزم عليه، تناهي إلى سمعي صوت الأذان من المسجد القريب داعيا المسلمين إلى لقاء ربهم وأداء صلاة الظهر، تغلغل صوت الأذان داخل نفسي، فشعرت بالراحة النفسية التي أبحث عنها، وأحسست بضخامة ذنبي لبقائي على الكفر على الرغم من عظمة نداء الإيمان الذي كان يسري في كل جوانحي، فوقفت بلا مقدمات لأهتف بصوت عال بين ذهول زميلاتي:"أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله"، فاقبل علي زميلاتي وقد تحيرن من ذهولهن، مهنئات باكيات بكاء الفرح، وانخرطت أنا أيضا معهن في البكاء، سائلة الله أن يغفر لي ما مضى من حياتي، وأن يرضى عني في حياتي