عندما غادرت أُمِّي البيت، أخذت دور العناية بأبي وأخويَّ الاثنين. واستمرَّ ذهابنا إلى الكنيسة، ولكن بسبب زيارتنا لأُمِّي في عُطَلِ نهاية الأسبوع، أصبحت زياراتنا للكنيسة أقل. عندما كنَّا في بيت والدي، كنَّا نتجمَّع ليلاً –وفي كلِّ ليلةٍ- لقراءة "الرسالة الأولى إلى مؤمني كورونثوس (١-١٣) " والَّتي تتحدَّث عن المحبَّة والإحسان. وقد كرَّرت القراءة معهم مرَّاتٍ كثيرةٍ جدَّاً حتى حفظتها عن ظهر قلب. فقد كانت تمثِّل نوعاً من الدَّعم المعنويِّ لأبي، على الرغم من أنِّي لم أكن أفهم لماذا.
وفي فترة ثلاث سنواتٍ متتاليةٍ انتقل أخي الأكبر، ثمَّ أخي الأصغر، ثمَّ أنا إلى بيت والدتي. وفي ذلك الوقت لم تعد أُمِّي تذهب إلى الكنيسة، وهكذا وجد أخواي أنَّ الذِّهاب إلى الكنيسة ليس ضروريَّاً. وبانتقالي إلى بيت أُمِّي -خلال السَّنة قبل الأخيرة من مرحلة الدِّراسة الثانويَّة- أنشأت صداقاتٍ جديدةٍ، واكتشفت طريقةً مختلفةً في الحياة. ففي يومي الدِّراسيِّ الأوَّل تعرَّفت إلى فتاةٍ كانت غايةً في اللطف. وفي اليوم الدِّراسيِّ التالي دعتني لزيارتها في بيتها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لأقابل عائلتها وأزور كنيستها. تقبَّلتني عائلتها على الفور "كفتاةٍ طيِّبةٍ" و "قُدوةٍ حسنةٍ" لها. وأيضاً صدمتني المفاجأة من جماعة المصلِّين الَّذين حضروا إلى كنيستها، فعلى الرغم من أنِّي كنت غريبةً عنهم إلَّا أنَّ كلَّ النِّساء والرِّجال حيُّوني بالعناق والقُبَل وجعلوني أشعر بأنِّي في موضع ترحيب.