وَالِابْتِدَاءُ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ إِشْعَارًا بِأَنَّ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الصَّادِقِينَ فِي دَعْوَاهُ.
(رَابِعُهَا) قَوْلُ أَئِمَّةِ الْوَقْفِ: لَا يُوقَفُ عَلَى كَذَا مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُبْتَدَأُ بِمَا بَعْدَهُ، إِذْ كُلَّمَا أَجَازُوا الْوَقْفَ عَلَيْهِ أَجَازُوا الِابْتِدَاءَ بِمَا بَعْدَهُ. وَقَدْ أَكْثَرَ السَّجَاوَنْدِيُّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ وَبَالَغَ فِي كِتَابِهِ (لَا) وَالْمَعْنَى عِنْدَهُ لَا تَقِفْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُ يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ وَأَكْثَرُهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ مِنْ مُقَلِّدِي السَّجَاوَنْدِيِّ أَنَّ مَنْعَهُ مِنَ الْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ قَبِيحٌ، أَيْ: لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَلَا الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مِنَ الْحَسَنِ يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْسُنُ الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ فَصَارُوا إِذَا اضْطَرَّهُمُ النَّفَسُ يَتْرُكُونَ الْوَقْفَ الْحَسَنَ الْجَائِزَ وَيَتَعَمَّدُونَ الْوَقْفَ عَلَى الْقَبِيحِ الْمَمْنُوعِ، فَتَرَاهُمْ يَقُولُونَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ثُمَّ يَقُولُونَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُونَ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ ثُمَّ يَبْتَدِئُونَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فَيَتْرُكُونَ الْوَقْفَ عَلَى (عَلَيْهِمْ، وَعَلَى الْمُتَّقِينَ) الْجَائِزَيْنِ قَطْعًا وَيَقِفُونَ عَلَى (غَيْرِ، وَالَّذِينَ) اللَّذَيْنِ تَعَمُّدُ الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا قَبِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُضَافٌ وَالثَّانِي مَوْصُولٌ وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ تَعَمُّدِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ السَّجَاوَنْدِيِّ (لَا) فَلَيْتَ شِعْرِي، إِذْ مَنَعَ مِنَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ هَلْ أَجَازَ الْوَقْفَ عَلَى: غَيْرِ أَوِ: الَّذِينَ؟ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ السَّجَاوَنْدِيِّ بِقَوْلِهِ: (لَا) ، أَيْ: لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُبْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهُ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْقَافِ.
وَمِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي مَنَعَ السَّجَاوَنْدِيُّ الْوَقْفَ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنَ الْكَافِي الَّذِي يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ مَعَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ. قَالَ: لِأَنَّ الَّذِينَ صِفَتُهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ كَوْنُهُ تَامًّا وَكَافِيًا وَحَسَنًا، وَاخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَوْنَهُ كَافِيًا، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَالِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صِفَةً لِلْمُتَّقِينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْحَسَنِ وَسَوَّغَ ذَلِكَ كَوْنُهُ رَأْسَ آيَةٍ، وَكَذَلِكَ مَنَعَ الْوَقْفَ عَلَى يُنْفِقُونَ لِلْعَطْفِ وَجَوَازُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute