للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذَكَرْنَا فِي (الِاهْتِدَاءِ) رِوَايَةَ أَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ صَلَّى الْغَدَاةَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ثُمَّ سَلَّمَ، وَأَيُّ مُقْتَدًى بِهِ أَعْظَمُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانِ الْقُرْآنِ، وَمِنْ ذَلِكَ: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَنَعَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْفَاءَ لِلْجَزَاءِ، فَكَانَ تَأْكِيدًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَلَوْ عَكَسَ فَجَعَلَهُ مِنَ الْوَقْفِ اللَّازِمِ لَكَانَ ظَاهِرًا، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ دُعَاءً عَلَيْهِمْ بِزِيَادَةِ الْمَرَضِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُعْرِبِينَ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ خَبَرٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا كَافِيًا لِلتَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ فَقَطْ، فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَمْتَنِعُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ ; وَلِذَلِكَ قَطَعَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ بِكَوْنِهِ كَافِيًا وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ مَنَعَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ لِلْعَطْفِ بَأَوْ، وَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ، قَالَ: وَمَعْنَى التَّخْيِيرِ لَا يَبْقَى مَعَ الْفَصْلِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُ كَافِيًا أَوْ تَامًّا.

(قُلْتُ) : وَكَوْنُهُ كَافِيًا أَظْهَرُوا " أَوْ " هُنَا لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ كَمَا قَالَ السَّجَاوَنْدِيُّ ; لِأَنَّ " أَوْ " إِنَّمَا تَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ فِي الْأَمْرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ لَا فِي الْخَبَرِ، بَلْ هِيَ لِلتَّفْصِيلِ، أَيْ: مِنَ النَّاظِرَيْنِ مَنْ يُشْبِهُهُمْ بِحَالِ ذَوِي صَيِّبٍ وَالْكَافُ مِنْ كَصَيِّبٍ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ لِأَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: مَثَلَهُمْ كَمَثَلِ صَيِّبٍ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ: كَأَصْحَابِ صَيِّبٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى مَا مَوْضِعُهُ رَفْعٌ وَهُوَ كَمَثَلِ الَّذِي، وَكَذَا قَوْلُهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَالِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ: أَوْ كَظُلُمَاتٍ وَقَطَعَ الدَّانِيُّ بِأَنَّهُ تَامٌّ وَمِنْ ذَلِكَ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ مَنَعَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ " الَّذِي " صِفَةُ الرَّبِّ تَعَالَى وَلَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلرَّبِّ كَمَا ذَكَرَ بَلْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ الَّذِي وَحَسُنَ الْقَطْعُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ صِفَةُ مَدْحٍ، وَجَوَّزَ مَكِّيٌّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِضْمَارٍ أَعْنِي وَأَجَازَ أَيْضًا نَصْبَهُ مَفْعُولًا بِ " تَتَّقُونَ " وَكِلَاهُمَا بَعِيدٌ، وَمِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْفَاسِقِينَ مَنَعَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ " الَّذِينَ " صِفَتُهُمْ، وَهُوَ كَ