مُشْبَعًا مِنْ غَيْرِ إِفْحَاشٍ وَلَا خُرُوجٍ عَنْ مِنْهَاجِ الْعَرَبِيَّةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْطَا، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، حَتَّى بَالَغَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ رَادًّا عَلَى أَبِي نَصْرٍ الْعِرَاقِيِّ، حَيْثُ ذَكَرَ تَفَاوُتَ الْمَرَاتِبِ فِي مَدِّهِ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مَدِّ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَالِاخْتِلَافِ فِي مَدِّ كَلِمَتَيْنِ، قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَطَالَمَا مَارَسْتُ الْكُتُبَ وَالْعُلَمَاءَ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَجْعَلُ مَدَّ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَدِّ الْكَلِمَتَيْنِ إِلَّا الْعِرَاقِيَّ، بَلْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا. انْتَهَى.
وَلَمَّا وَقَفَ أَبُو شَامَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى كَلَامِ الْهُذَلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَنَّ أَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ فِي الْمُتَّصِلِ قَصْرًا، فَقَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي كَلِمَتَيْنِ، ثُمَّ نَقَلَ ذَلِكَ، عَنْ حِكَايَةِ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْعِرَاقِيِّ. وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقْصِدْهُ الْهُذَلِيُّ وَلَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ التَّفَاوُتَ فِي مَدِّهِ فَقَطْ، وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَهُ فِي كِتَابِهِ " الْإِشَارَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ " وَكَلَامَ ابْنِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي مُخْتَصَرِهَا " الْبِشَارَةُ " فَرَأَيْتُهُ ذَكَرَ مَرَاتِبَ الْمَدِّ فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ ثَلَاثَةً: طُولِيٌّ، وَوَسَطِيٌّ، وَدُونَ ذَلِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ كَلِمَةٍ فَيُمَدُّ وَمَا هُوَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَيُقْصَرُ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ غَيْرَ وَرْشٍ وَسَهْلٍ وَيَعْقُوبَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَهَذَا نَصٌّ فِيمَا قُلْنَاهُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَقَدَ أَنَّ قَصْرَ الْمُتَّصِلِ جَائِزٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ فِي قِرَاءَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا شَاذَّةٍ، بَلْ رَأَيْتُ النَّصَّ بِمَدِّهِ؛ وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَشَافَهَنِي بِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيِّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْكَرَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّايِغُ الْمَكِّيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلًا، فَقَرَأَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute