وَدُونَهَا. فَأَسْقَطُوا الْمَرْتَبَةَ الْعُلْيَا حَتَّى قَدَّرَهُ ابْنُ مِهْرَانَ بِأَلِفَيْنِ، ثُمَّ بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ بِأَرْبَعَةٍ. وَذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُّوسِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ إِلَى أَنَّهُ عَلَى مَرْتَبَتَيْنِ: طُولَى، وَوُسْطَى، فَأَسْقَطُوا الدُّنْيَا وَمَا فَوْقَ الْوُسْطَى، وَسَيَأْتِي تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَرْتَبَةِ فِي الْمُنْفَصِلِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ خَلَفٍ، عَنْ سُلَيْمٍ قَالَ: أَطْوَلُ الْمَدِّ عِنْدَ حَمْزَةَ الْمَفْتُوحُ نَحْوُ (تِلْقَاءَ أَصْحَابِ) ، وَ (جَاءَ أَحَدَهُمْ) ، وَ (يَا أَيُّهَا) قَالَ: وَالْمَدُّ الَّذِي دُونَ ذَلِكَ (خَائِفِينَ) ، وَ (الْمَلَائِكَةُ) . (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) قَالَ: وَأَقْصَرُ الْمَدِّ (أُولَئِكَ) وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، بَلِ الْمَأْخُوذُ بِهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ خِلَافُهُ؛ إِذِ النَّظَرُ يَرُدُّهُ، وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهُ، وَالنَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ يُخَالِفُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ (أُولَئِكَ) وَ (خَائِفِينَ) فَإِنَّ الْهَمْزَةَ فِيهَا بَعْدَ الْأَلِفِ مَكْسُورَةٌ.
وَأَمَّا الْمَدُّ لِلسَّاكِنِ اللَّازِمِ فِي قِسْمَيْهِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْمَدُّ اللَّازِمُ إِمَّا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفٍ مُضَافٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ يَلْزَمُ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: مَدُّ الْعَدْلِ ; لِأَنَّهُ يَعْدِلُ حَرَكَةً. فَإِنَّ الْقُرَّاءَ يُجْمِعُونَ عَلَى مَدِّهِ مُشْبَعًا قَدْرًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ، لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا سَلَفًا وَلَا خَلَفًا، إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْفَخْرِ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسْنَوَيْهِ الْجَاجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ " حِلْيَةُ الْقُرَّاءِ " نَصًّا، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ حَيْثُ قَالَ: وَالْقُرَّاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي مِقْدَارِهِ، فَالْمُحَقِّقُونَ يَمُدُّونَ عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَلِفَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُدُّ عَلَى قَدْرِ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ، وَالْحَادِرُونَ يَمُدُّونَ عَلَيْهِ قَدْرَ أَلِفَيْنِ، إِحْدَاهُمَا الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْمُحَرَّكِ وَالثَّانِيَةُ الْمَدَّةُ الَّتِي أُدْخِلَتْ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ لِتَعْدِلَ، ثُمَّ قَالَ الْجَاجَانِيُّ: وَعَلَيْهِ - يَعْنِي وَعَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا - قَوْلُ أَبِي مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيِّ فِي قَصِيدَتِهِ:
وَإِنْ حَرْفُ مَدٍّ كَانَ مِنْ قَبْلِ مُدْغَمٍ ... كَآخِرِ مَا فِي الْحَمْدِ فَامْدُدْهُ وَاسْتَجْرِ
مَدَدْتَ لِأَنَّ السَّاكِنَيْنِ تَلَاقَيَا ... فَصَارَ كَتَحْرِيكِ كَذَا قَالَ ذُو الْخَبَرِ
(قُلْتُ) : وَظَاهِرُ عِبَارَةِ صَاحِبِ " التَّجْرِيدِ " أَيْضًا أَنَّ الْمَرَاتِبَ تَتَفَاوَتُ كَتَفَاوُتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute