وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي " الْكَافِي " فَقَالَ فِي بَابِ الْمَدِّ: فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ هِشَامًا إِذَا اسْتَفْهَمَ وَأَدْخَلَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ أَلِفًا يَمُدُّ الْأَلِفَ الَّتِي قَبْلَ الْهَمْزَةِ، قِيلَ: إِنَّمَا يَمُدُّ مِنْ أَجْلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ، فَهُوَ كَـ (خَائِفِينَ) وَنَحْوِهِ (وَقَالَ) فِي بَابِ الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ: إِنَّ قَالُونَ وَأَبَا عَمْرٍو وَهِشَامًا يُدْخِلُونَ بَيْنَهُمَا أَلِفًا فَيَمُدُّونَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ " التَّيْسِيرِ " فِي مَسْأَلَةِ (هَاأَنْتُمْ) حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ جَعَلَهَا - يَعْنِي الْهَاءَ - مُبْدَلَةً وَكَانَ مِمَّنْ يَفْصِلُ بِالْأَلِفِ زَادَ فِي التَّمْكِينِ سَوَاءٌ حَقَّقَ الْهَمْزَةَ أَوْ لَيَّنَهَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي " جَامِعِ الْبَيَانِ " كَمَا سَيَأْتِي مُبَيَّنًا عِنْدَ ذِكْرِهَا فِي بَابِ الْهَمْزَةِ الْمُفْرَدَةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْمُحَقِّقُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّدَادِ الْمَالِقِيُّ فِي شَرْحِ " التَّيْسِيرِ " مِنْ بَابِ الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ، عِنْدَ قَوْلِهِ: وَقَالُونُ وَهِشَامٌ وَأَبُو عَمْرٍو يُدْخِلُونَهَا - أَيِ الْأَلِفَ - قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ الْمَدُّ بَيْنَ الْمُحَقَّقَةِ وَاللَّيِّنَةِ، إِلَّا أَنَّ مَدَّ هِشَامٍ أَطْوَلُ، وَمَدَّ السُّوسِيِّ أَقْصَرُ، وَمَدَّ قَالُونَ وَالدُّورِيِّ أَوْسَطُ، وَكُلُّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَدِّ الْمُتَّصِلِ. (قُلْتُ) : إِنَّمَا جَعَلَ مَدَّ السُّوسِيِّ أَقْصَرَ ; لِأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى ظَاهِرِ كَلَامِ " التَّيْسِيرِ " مِنْ جَعْلِ مَرَاتِبِ الْمُتَّصِلِ خَمْسَةً، وَالدُّنْيَا مِنْهَا لِمَنْ قَصَرَ الْمُنْفَصِلَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَبِزِيَادَةِ الْمَدِّ قَرَأْتُ مِنْ طَرِيقِ " الْكَافِي " فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَذِهِ الْأَلِفِ؛ لِعَرْضِهَا وَلِضَعْفِ سَبَبِيَّةِ الْهَمْزِ عِنْدَ السُّكُونِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ كَافَّةً وَجُمْهُورِ الْمِصْرِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْأَدَاءِ. وَحَكَى بَعْضُهُمُ الْإِجْمَاعَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو الْفَخْرِ حَامِدُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ الْجَاجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ " حِلْيَةُ الْقُرَّاءِ " عِنْدَ ذِكْرِهِ أَقْسَامَ الْمَدِّ: أَمَّا مَدُّ الْحَجْزِ، فَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: (أَأَنْذَرْتَهُمْ، وَأَؤُنَبِّئُكُمْ، وَ " أَإِذَا) وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَدَّ الْحَجْزِ ; لِأَنَّهُ أَدْخَلَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ حَاجِزًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَثْقِلُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ، فَتُدْخِلُ بَيْنَهُمَا مَدَّةً تَكُونُ حَاجِزَةً بَيْنَهُمَا لِإِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى، قَالَ: وَمِقْدَارُهُ أَلِفٌ تَامَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute