الْحَجْزَ يَحْصُلُ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الزِّيَادَةِ. انْتَهَى، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ ; لِأَنَّ الْمَدَّ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ زِيَادَةً عَلَى حَرْفِ الْمَدِّ الثَّابِتِ؛ بَيَانًا لَهُ وَخَوْفًا مِنْ سُقُوطِهِ لِخَفَائِهِ، وَاسْتِعَانَةً عَلَى النُّطْقِ بِالْهَمْزِ بَعْدَهُ لِصُعُوبَتِهِ، وَإِنَّمَا جِيءَ بِهَذِهِ الْأَلِفِ زَائِدَةً بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ؛ فَصْلًا بَيْنَهُمَا وَاسْتِعَانَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ، فَزِيَادَتُهَا هُنَا كَزِيَادَةِ الْمَدِّ فِي حَرْفِ الْمَدِّ، ثُمَّ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى بِالْقِيَاسِ وَالْأَدَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) يَجُوزُ الْمَدُّ وَعَدَمُهُ لِعُرُوضِ السَّبَبِ، وَيَقْوَى بِحَسَبِ قُوَّتِهِ، وَيَضْعُفُ بِحَسَبَ ضَعْفِهِ، فَالْمَدُّ فِي نَحْوِ: نَسْتَعِينُ، وَيُؤْمِنُونَ، وَقْفًا عِنْدَ مَنِ اعْتَدَّ بِسُكُونِهِ أَقْوَى مِنْهُ فِي نَحْوِ (إِيذَنْ، وَأُؤْتُمِنَ) ابْتِدَاءً عِنْدَ مَنِ اعْتَدَّ بِهَمْزَةٍ؛ لِضَعْفِ سَبَبِ تَقَدُّمِ الْهَمْزِ عَنْ سُكُونِ الْوَقْفِ ; وَلِذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ إِجْرَاءَ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَتِ الثَّلَاثَةُ فِي الْوَقْفِ عَلَى (ايْتِ) حَالَةَ الِابْتِدَاءِ؛ لِقُوَّةِ سَبَبِ السُّكُونِ عَلَى سَبَبِ الْهَمْزِ الْمُتَقَدِّمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ) يَجُوزُ الْمَدُّ وَعَدَمُهُ إِذَا غُيِّرَ سَبَبُ الْمَدِّ عَنْ صِفَتِهِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ الْمَدُّ، سَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ هَمْزًا أَوْ سُكُونًا، وَسَوَاءٌ كَانَ تَغْيِيرُ الْهَمْزِ بَيْنَ بَيْنَ، أَوْ بِالْإِبْدَالِ، أَوْ بِالنَّقْلِ، أَوْ بِالْحَذْفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ وَوَقْفِ حَمْزَةَ وَهِشَامٍ وَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَالْمَدُّ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْعَارِضِ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ اللَّفْظُ وَاسْتِصْحَابُ حَالِهِ فِيمَا كَانَ أَوَّلًا وَتَنْزِيلُ السَّبَبِ الْمُغَيَّرِ كَالثَّابِتِ وَالْمَعْدُومِ - كَالْمَلْفُوظِ وَالْقَصْرِ اعْتِدَادًا بِمَا عَرَضَ لَهُ مِنَ التَّغَيُّرِ وَالِاعْتِبَارِ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ اللَّفْظُ. وَالْمَذْهَبَانِ قَوِيَّانِ، وَالنَّظَرَانِ صَحِيحَانِ مَشْهُورَانِ مَعْمُولٌ بِهِمَا نَصًّا وَأَدَاءً، قَرَأْتُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَالْأَوَّلُ أَرَجَحُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَابْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ، وَالشَّاطِبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ مَنْ مَدَّ عَامَلَ الْأَصْلَ، وَمَنْ قَصَرَ عَامَلَ اللَّفْظَ، وَمُعَامَلَةُ الْأَصْلِ أَوْجَهُ وَأَقْيَسُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْجَعْبَرِيِّ، وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ فِيمَا ذَهَبَ بِالتَّغَيُّرِ اعْتِبَاطًا: هُوَ الثَّانِي، وَفِيمَا بَقِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute