للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَرِيقَيْنِ بِشَيْءٍ مِنَ التَّخْفِيفِ لَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ مُبَيِّنًا لِلصَّوَابِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ.

(فَمِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ النُّحَاةِ إِجْرَاءُ الْيَاءِ وَالْوَاوِ الْأَصْلِيَّتَيْنِ مَجْرَى الزَّائِدَتَيْنِ فَأَبْدَلُوا الْهَمْزَةَ بَعْدَهُمَا مِنْ جِنْسِهِمَا، وَأَدْغَمُوهُمَا فِي الْمُبْدَلِ مِنْ قِسْمَيِ الْمُتَطَرِّفِ وَالْمُتَوَسِّطِ الْمُتَّصِلِ. حَكَى سَمَاعَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ يُونُسُ وَالْكِسَائِيُّ، وَحَكَاهُ أَيْضًا سِيبَوَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقِسْهُ، فَخَصَّهُ بِالسَّمَاعِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مُطَّرِدًا، وَوَافَقَ عَلَى الْإِبْدَالِ وَالْإِدْغَامِ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَجَاءَ أَيْضًا مَنْصُوصًا عَنْ حَمْزَةَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَذَكَرَهُ فِي " التَّيْسِيرِ " وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي " الْكَافِي "، وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ وَخَصَّهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ (بِشَيْءٍ، وَهَيْئَةِ، وَمَوْئِلًا) فَقَطْ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ مُطَّرِدًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالنُّحَاةِ سِوَى النَّقْلِ كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَأَبِيهِ أَبِي الطَّيِّبِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ وَأَبِي الطَّاهِرِ صَاحِبِ " الْعُنْوَانِ "، وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الطَّرَسُوسِيِّ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ، وَالْجُمْهُورِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمُطَّرِدُ إِجْمَاعًا، وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فَخَصَّ جَوَازَ الْإِدْغَامِ مِنْ ذَلِكَ بِحَرْفِ اللِّينِ وَلَمْ يُجِزْهُ بِحَرْفِ الْمَدِّ، وَكَأَنَّهُ لَاحَظَ كَوْنَهُ حَرْفَ مَدٍّ لَا يَجُوزُ إِدْغَامُهُ وَهَذَا لَا يُخَلِّصُهُ فِيمَا إِذَا كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ زَائِدًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِدْغَامُهُ قَوْلًا وَاحِدًا نَحْوُ (هَنِيئًا، وَقُرُوءٍ) (وَالْجَوَابُ) عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِدْغَامَ فِيهِ تَقْدِيرِيٌّ، فَإِنَّا لَمَّا لَفَظْنَا بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ تَخْفِيفًا لِلْهَمْزِ قَدَّرْنَا إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ، وَإِدْغَامَ حَرْفِ الْمَدِّ فِي الْهَمْزِ، وَنَظِيرُ هَذَا إِدْغَامُ أَبِي عَمْرٍو (نُودِيَ يَامُوسَى، هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) فَإِنَّ النُّطْقَ فِيهِ بِيَاءٍ وَوَاوٍ مُشَدَّدَتَيْنِ وَكَوْنُنَا سَكَّنَّا الْيَاءَ وَالْوَاوَ حَتَّى صَارَا حَرْفَيْ مَدٍّ، ثُمَّ أَدْغَمْنَاهُمَا فِيمَا بَعْدَهُمَا - تَقْدِيرِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ بَعْضُ النُّحَاةِ الْإِبْدَالَ وَالْإِدْغَامَ فِي الْمُنْفَصِلِ نَحْوُ (فِي أَنْفُسِكُمْ وَقَالُوا آمَنَّا) وَحَكَاهُ أَبُو عَمْرٍو فِي (الْفَرْخِ) ، عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ، وَوَافَقَ