للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرَّاءِ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْفَتْحِ بْنُ شَيْطَا، وَأَجَازَ نُحَاةُ الْكُوفِيِّينَ أَنْ تَقَعَ هَمْزَةُ بَيْنَ بَيْنَ بَعْدَ كُلِّ سَاكِنٍ كَمَا تَقَعُ بَعْدَ الْمُتَحَرِّكِ، ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو حَيَّانَ فِي " الِارْتِشَافِ "، وَقَالَ هَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْعَرَبِ. انْتَهَى. وَانْفَرَدَ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ مِنَ الْقُرَّاءِ بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا وَقَعَ الْهَمْزُ فِيهِ بَعْدَ حَرْفِ مَدٍّ، سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَسِّطًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَأَجْرَى الْوَاوَ وَالْيَاءَ مَجْرَى الْأَلِفِ، وَسَوَّى بَيْنَ الْأَلِفِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَيْثُ اشْتِرَاكِهِنَّ فِي الْمَدِّ.

(قُلْتُ) : وَذَلِكَ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا عَدَلُوا إِلَى بَيْنَ بَيْنَ بَعْدَ الْأَلِفِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهَا النَّقْلُ وَلَا الْإِدْغَامُ بِخِلَافِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا عَمْرٍو الدَّانِيَّ حَكَى ذَلِكَ فِي (مَوْئِلًا، وَالْمَوْءُودَةُ) وَقَالَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ فِي (مَوْئِلًا) مِنْ أَجْلِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عِنْدَ مَنْ يَأْخُذُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَجَازَ بَعْضُ النُّحَاةِ الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ النَّقْلِ بَعْدَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ إِذَا كَانَا حَرْفَيْ مَدٍّ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، فَيَقُولُونَ فِي نَحْوِ (تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ، وَأَدْعُو إِلَى، تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ، وَأَدْعُو إِلَى) وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى هَذَا التَّخْفِيفِ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَأَجَازَ النُّحَاةُ النَّقْلَ بَعْدَ السَّاكِنِ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مِيمِ جَمْعٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْقُرَّاءُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَجَازُوا فِي غَيْرِ مِيمِ الْجَمْعِ نَحْوُ (قَدْ أَفْلَحَ، وَقُلْ إِنِّي) لَا فِي نَحْوِ (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، ذَلِكُمْ إِصْرِي) فَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ لَا خِلَافَ فِي تَحْقِيقِ مِثْلِ هَذَا فِي الْوَقْفِ عِنْدَنَا. انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَرَأْنَاهُ بِهِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزِ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ مِيمَ الْجَمْعِ أَصْلُهَا الضَّمُّ، فَلَوْ حُرِّكَتْ بِالنَّقْلِ لَتَغَيَّرَتْ، عَنْ حَرَكَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ فِيمَا مَثَّلْنَا بِهِ ; وَلِذَلِكَ آثَرَ مِنْ مَذْهَبِهِ النَّقْلَ صِلَتُهَا عِنْدَ الْهَمْزِ لِتَعُودَ إِلَى أَصْلِهَا وَلَا تُحَرَّكَ بِغَيْرِ حَرَكَتِهَا عَلَى مَا فَعَلَ وَرْشٌ وَغَيْرُهُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ مِهْرَانَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ فِي وَقْفِ حَمْزَةَ فِيهَا مَذَاهِبَ.

(أَحَدُهَا) نَقْلُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَيْهَا مُطْلَقًا، فَتُضَمُّ فِي نَحْوِ (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ) وَتُفْتَحُ فِي نَحْوِ (أَنْتُمْ أَعْلَمُ) وَتُكْسَرُ فِي نَحْوِ (إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ) .

(الثَّانِي) أَنَّهَا تُضَمُّ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةً أَوْ مَكْسُورَةً حَذَرًا مِنْ تَحَرُّكِ