للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَرَوْنَ. فَيَبْنُونَ الْكَلِمَةَ عَلَى فِعْلِهَا، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ ضَمُّ مَا قَبْلَ الْوَاوِ لِذَلِكَ إِنْ كَانَ مَضْمُومًا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الضَّمَّةُ ضَمَّةَ نَقْلٍ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ ذَلِكَ نَقْلُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى الْمُتَحَرِّكِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ الزُّجَاجُ: أَمَّا (يَسْتَهْزُونَ) فَعَلَى لُغَةِ مَنْ يُبْدِلُ مِنَ الْهَمْزَةِ يَاءً فِي الْأَصْلِ، فَيَقُولُونَ فِي (اسْتَهْزَأَ: اسْتَهْزَيْتُ) فَيَجِبُ عَلَى اسْتَهْزَيْتُ (يَسْتَهْزُونَ) وَكَذَا الْقَوْلُ فِي (مُسْتَهْزِينَ، وَخَاسِيِينَ، وَخَاطِيِينَ) وَهُوَ عِنْدَهُمْ صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ، وَبِهِ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ قِرَاءَتَهُ وَقِرَاءَةَ نَافِعٍ: (الصَّابُونَ، وَالصَّابِينَ) . وَقَدْ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، عَنْ حَمْزَةَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَجَاءَ مَنْصُوصًا عَنْهُ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، عَنْ خَلَّادٍ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ حَمْزَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ (مُسْتَهْزُونَ) بِغَيْرِ هَمْزٍ وَيَضُمُّ الزَّايَ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ شُجَاعٍ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يَقِفُ (مُسْتَهْزُونَ) بِرَفْعِ الزَّايِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَكَذَلِكَ (مُتَّكُونَ وَالْخَاطُونَ وَمَالُونَ وَلِيُطُفُوا) بِغَيْرِ هَمْزٍ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ كُلِّهَا، وَبِرَفْعِ الْكَافِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ وَالطَّاءِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ،: أَخْبَرَنَا إِدْرِيسُ، ثَنَا خَلَفٌ، ثَنَا الْكِسَائِيُّ قَالَ: وَمَنْ وَقَفَ بِغَيْرِ هَمْزٍ قَالَ: (مُسْتَهْزُونَ) بِرَفْعِ الزَّايِ بِغَيْرِ مَدٍّ، وَكَذَلِكَ (لِيُطُفُوا) بِرَفْعِ الطَّاءِ، وَكَذَلِكَ (لِيُوَاطُوا) بِرَفْعِ الطَّاءِ، وَكَذَلِكَ: (يَسْتَنْبُونَكَ) بِرَفْعِ الْبَاءِ. فَمَالُونَ بِرَفْعِ اللَّامِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(قُلْتُ) : وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِهَذَا الْوَجْهِ مَعَ صِحَّتِهِ فِي الْقِيَاسِ وَالْأَدَاءِ، وَالْعَجَبُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ السَّخَاوِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَضْعِيفِ هَذَا الْوَجْهِ وَإِخْمَالِهِ، وَجَعْلِهِ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُخْمَلَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِقَوْلِ الشَّاطِبِيِّ:

وَمُسْتَهْزُونَ الْحَذْفُ فِيهِ وَنَحْوُهُ ... وَضَمٌّ وَكَسْرٌ قَبْلَ قِيلٍ وَأَخْمِلَا

فَحَمَلَ أَلِفَ أَخْمِلَا عَلَى التَّثْنِيَةِ، أَيْ أَنَّ ضَمَّ مَا قَبْلَ الْوَاوِ وَكَسْرِهِ حَالَةَ الْحَذْفِ أَخْمِلَا يَعْنِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْفَاسِيُّ، وَهُوَ وَهْمٌ بَيِّنٌ وَخَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ قِيلًا وَأَخْمِلًا، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْأَلِفَ مِنْ أَخْمِلَا لِلْإِطْلَاقِ، وَإِنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَنْ أَصَحِّ الْوُجُوهِ الْمَأْخُوذِ بِهَا لِحَمْزَةَ فِي الْوَقْفِ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ صَاحِبُ " التَّيْسِيرِ " فِي كِتَابِهِ " جَامِعِ الْبَيَانِ "، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا الْخَامِلُ الْوَجْهُ الْآخَرُ، وَهُوَ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَإِبْقَاءُ مَا قَبْلَ الْوَاوِ مَكْسُورًا عَلَى