حَالِهِ عَلَى مُرَادِ الْهَمْزِ كَمَا أَجَازَهُ بَعْضُهُمْ، وَحَكَاهُ خَلَفٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ، قَالَ الدَّانِيُّ: وَهَذَا لَا عَمَلَ عَلَيْهِ. (قُلْتُ) : فَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّاطِبِيُّ بِالْإِخْمَالِ لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَلَا قِيَاسًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ بَعْضُ النُّحَاةِ إِلَى إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَ كَسْرِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَ ضَمٍّ حَرْفًا خَالِصًا فَتُبْدَلُ فِي نَحْوِ (سَنُقْرِيكَ وَيَسْتَهْزُونَ) يَاءً، وَفِي نَحْوِ (سُئِلَ وَاللُّؤْلُؤُ) وَاوًا، وَنُسِبَ هَذَا عَلَى إِطْلَاقِهِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْعَدَةَ الْأَخْفَشِ النَّحْوِيِّ الْبَصْرِيِّ أَكْبَرِ أَصْحَابِ سِيبَوَيْهِ، فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ: هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَخْفَشِ النَّحْوِيِّ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ غَيْرَهُ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ وَجُمْهُورُ النُّحَاةِ عَلَى ذَلِكَ عَنْهُ، وَالَّذِي رَأَيْتُهُ أَنَا فِي كِتَابِ " مَعَانِي الْقُرْآنِ " أَنَّهُ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ لَامَ الْفِعْلِ نَحْوُ (سَنُقْرِيكَ، وَاللُّولُو) ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَيْنَ الْفِعْلِ نَحْوُ (سُئِلَ) أَوْ مِنْ مُنْفَصِلٍ نَحْوُ (يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ، وَيَشَاءُ إِلَى) فَإِنَّهُ يُسَهِّلُهَا بَيْنَ بَيْنَ كَمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَالَّذِي يَحْكِيهِ عَنْهُ الْقُرَّاءُ وَالنُّحَاةُ إِطْلَاقُ الْإِبْدَالِ فِي النَّوْعَيْنِ، وَأَجَازَهُ كَذَلِكَ عَنْ حَمْزَةَ فِي الْوَقْفِ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَوَافَقَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْدَالِ فِي الْمَضْمُومَةِ بَعْدَ كَسْرٍ فَقَطْ مُطْلَقًا، أَيْ: فِي الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ فَاءُ الْفِعْلِ وَلَامُهُ. وَحَكَى أَبُو الْعِزِّ ذَلِكَ فِي هَذَا النَّوْعِ خَاصَّةً عَنْ أَهْلِ وَاسِطٍ وَبَغْدَادَ وَهِيَ تَسْهِيلٌ بَيْنَ بَيْنَ، وَعَنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْبَصْرَةِ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو حَيَّانَ النَّحْوِيُّ عَنِ الْأَخْفَشِ الْإِبْدَالَ فِي النَّوْعَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ فِي الْمَكْسُورَةِ الْمَضْمُومِ مَا قَبْلَهَا مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى التَّسْهِيلُ بَيْنَ بَيْنَ، فَنَصَّ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي الْمُنْفَصِلِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ إِلَى إِلْغَاءِ مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ فِي النَّوْعَيْنِ فِي الْوَقْفِ لِحَمْزَةَ، وَأَخَذُوا بِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ التَّسْهِيلُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَحَرَكَتِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرٍ صَاحِبِ " الْعُنْوَانِ "، وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الطَّرَسُوسِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ صَاحِبِ " التَّجْرِيدِ "، وَأَبِي الطَّيِّبِ بْنِ غَلْبُونَ وَابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ طَاهِرٍ وَلَمْ يَرْضَ مَذْهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute