للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَخْفَشِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَقْفِ حَمْزَةَ، وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى التَّفْصِيلِ، فَأَخَذُوا بِمَذْهَبِ الْأَخْفَشِ فِيمَا وَافَقَ الرَّسْمَ نَحْوُ (سَنُقْرِيكَ وَاللُّولُو) وَبِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ نَحْوُ (سِيلَ وَيَسْتَهْزُونَ) وَنَحْوُهُ لِمُوَافَقَةِ الرَّسْمِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ مِنَ التَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ النُّحَاةِ إِلَى جَوَازِ إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الْمُتَطَرِّفَةِ فِي الْوَقْفِ مِنْ جِنْسِ حَرَكَتِهَا فِي الْوَصْلِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ، أَوْ بَعْدَ سَاكِنٍ، وَحَكَوْا ذَلِكَ سَمَاعًا عَنْ غَيْرِ الْحِجَازِيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ كَتَمِيمٍ وَقَيْسٍ وَهُذَيْلٍ وَغَيْرِهِمْ، وَذَلِكَ نَحْوُ (الْمَلَا) وَ (نَبَا) وَ (يَدْرُو) وَ (تَفَتَوُا) وَ (الْعُلَمَوُا) وَ (يَشَا) وَ (الْخَبْ) فَيَقُولُونَ فِي " جَا الْمَلَا، وَ " مَرَرْتُ بِالْمَلِي "، وَ " رَأَيْتُ الْمَلَا "، وَ " هَذَا نَبُو "، وَ " جِئْتُ بِنَبِي "، وَ " سَمِعْتُ نَبَا "، وَ " هَؤُلَاءِ الْعُلَمَا "، وَ " مَرَرْتُ بِالْعُلَمَاي، وَ " رَأَيْتُ الْعُلَمَا "، وَ " هَذَا الْخَبُو "، وَ " مَرَرْتُ بِالْخَبِي "، وَ " رَأَيْتُ الْخَبَا "، وَ " زَيْدٌ يَدْرَوُ "، وَ " يَفَتَوُ "، وَ " يَشَاوُ "، وَ " لَنْ يَدْرَا "، وَ " لَنْ يَفْتَا "، وَ " لَنْ يَشَا ". فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ وَاوًا فِي الرَّفْعِ وَيَاءً فِي الْجَرِّ، أَمَّا فِي النَّصْبِ فَيَتَّفِقُ هَذَا التَّخْفِيفُ مَعَ التَّخْفِيفِ الْمُتَقَدِّمِ لَفْظًا، وَيَخْتَلِفَانِ تَقْدِيرًا، وَكَذَلِكَ يَتَّفِقُ هَذَا التَّخْفِيفُ مَعَ الْمُتَقَدِّمَ حَالَةَ الرَّفْعِ إِذَا انْضَمَّ مَا قَبْلَ الْهَمْزِ، وَحَالَةَ الْجَرِّ إِذَا انْكَسَرَ نَحْوُ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّولُو، وَمِنْ شَاطِيِ) وَيَخْتَلِفَانِ تَقْدِيرًا، فَعَلَى التَّخْفِيفِ الْأَوَّلِ تُخَفَّفُ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا، وَعَلَى هَذَا التَّخْفِيفِ بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْإِشَارَةِ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ، فَفِي تَخْفِيفِهَا بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ، وَفِي تَخْفِيفِهَا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا تَمْتَنِعُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهَا حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ، فَتُقَدَّرُ الْهَمْزَةُ مَعَهَا كَأَنَّهَا بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهَا، وَوَافَقَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى هَذَا التَّخْفِيفِ فِيمَا وَافَقَ رَسْمَ الْمُصْحَفِ. فَمَا رُسِمَ مِنْهُ بِالْوَاوِ وُقِفَ عَلَيْهِ بِهَا، أَوْ بِالْيَاءِ فَكَذَلِكَ، أَوْ بِالْأَلِفِ فَكَذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَاخْتِيَارُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو كَمَا أَذْكُرُهُ.

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ التَّخْفِيفُ الرَّسْمِيُّ ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ كَالْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَشَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ