للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْمَدَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالْمُرَادُ بِالرَّسْمِ صُورَةُ مَا كُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَنَّ سُلَيْمًا رَوَى عَنْ حَمْزَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزِ خَطَّ الْمُصْحَفِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حَمْزَةَ لَا يَأْلُو فِي وَقْفِهِ عَلَى الْكَلِمَةِ الَّتِي فِيهَا هَمْزٌ اتِّبَاعَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَى اتِّبَاعِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا خَفَّفَ الْهَمْزَ فِي الْوَقْفِ فَمَهْمَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّخْفِيفِ مُوَافِقًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ خَفَّفَهُ بِهِ دُونَ مَا خَالَفَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْيَسَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الدَّانِيِّ فِي " التَّيْسِيرِ ": وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُسَهِّلُهُ حَمْزَةُ مِنَ الْهَمَزَاتِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ خَطُّ الْمُصْحَفِ دُونَ الْقِيَاسِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ - يَعْنِي بِمَا قَدَّمَهُ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ - فَإِنِ انْضَمَّتْ، أَيِ الْهَمْزَةُ، جَعَلَهَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ نَحْوُ قَوْلِهِ: (فَادْرُوا، وَبُوسًا، وَلَا يَوُدُهُ، وَمُسْتَهْزُونَ، وَلِيُوَاطُوا، وَيَا بْنُومٍّ) وَشِبْهُهُ مَا لَمْ تَكُنْ صُورَتُهَا يَاءً نَحْوُ (قُلْ أُونَبِّيكُمْ، وَسَنُقْرِيكَ، وَكَانَ سَيِّئُهُ) وَشِبْهُهُ فَإِنَّكَ تُبْدِلُهَا يَاءً مَضْمُومَةً اتِّبَاعًا لِمَذْهَبِ حَمْزَةَ فِي اتِّبَاعِ الْخَطِّ عِنْدَ الْوَقْفِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ - أَعْنِي التَّسْهِيلَ فِي ذَلِكَ بِالْبَدَلِ - انْتَهَى. وَهُوَ غَايَةٌ مِنَ الْوُضُوحِ. مَعْنَى قَوْلِهِ: دُونَ الْقِيَاسِ - أَيِ الْمُجَرَّدِ عَنِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ: وَإِنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ - كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الرَّسْمِ لَا يَجُوزُ إِذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّا وَنُبَيِّنُ، وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ مَعْرِفَةِ كِتَابَةِ الْهَمْزِ لِيُعْرَفَ مَا وَافَقَ الْقِيَاسَ فِي ذَلِكَ مِمَّا خَالَفَهُ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْهَمْزَةَ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَخْرَجٌ يَخُصُّهَا وَلَفْظٌ تَتَمَيَّزُ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا صُورَةٌ تَمْتَازُ كَسَائِرِ الْحُرُوفِ، وَلِتَصَرُّفِهِمْ فِيهَا بِالتَّخْفِيفِ إِبْدَالًا، وَنَقْلًا، وَإِدْغَامًا، وَبَيْنَ بَيْنَ، كُتِبَتْ بِحَسَبِ مَا تُخَفَّفُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ تَخْفِيفُهَا أَلِفًا، أَوْ كَالْأَلِفِ كُتِبَتْ أَلِفًا، وَإِنْ كَانَ يَاءً أَوْ كَالْيَاءِ كُتِبَتْ يَاءً، وَإِنْ كَانَ وَاوًا أَوْ كَالْوَاوِ كُتِبَتْ وَاوًا، وَإِنْ كَانَ حَذْفًا يُنْقَلُ، أَوْ إِدْغَامًا، أَوْ غَيْرَهُ حُذِفَتْ مَا لَمْ تَكُنْ أَوَّلًا، فَإِنْ كَانَتْ أَوَّلًا كُتِبَتْ أَلِفًا أَبَدًا إِشْعَارًا بِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ إِذَا كَانَتْ فِيهِ لَا يَجُوزُ تَخْفِيفُهَا بِوَجْهٍ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْقِيَاسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَرَسْمِ الْمُصْحَفِ