الْحَذْفُ، أَيْ: حَذْفُ الْهَمْزَةِ فَيُوقَفُ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، وَلَا يَصِحُّ، بَلْ وَلَا يَحِلُّ وَاتِّبَاعُ الرَّسْمِ فَهُوَ مُتَّحِدٌ فِي الْإِدْغَامِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ.
(وَأَمَّا الرُّويَا، وَرُويَا) حَيْثُ وَقَعَ فَأَجْمَعُوا عَلَى إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ مِنْهُ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَضَمِّ مَا قَبْلَهَا، فَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَلْبِ هَذِهِ الْوَاوِ يَاءً وَإِدْغَامِهَا فِي الْيَاءِ بَعْدَهَا كَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، فَأَجَازَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو، وَغَيْرُهُمَا، وَسَوَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِظْهَارِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ (تُؤْي، وَرُءْيَا) وَحَكَاهُ ابْنُ شُرَيْحٍ أَيْضًا وَضَعَّفَهُ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلرَّسْمِ، فَإِنَّ الْإِظْهَارَ أَوْلَى وَأَقْيَسُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرَ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْحَذْفُ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ، فَيُوقَفُ بِيَاءٍ خَفِيفَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي (رُيَّا) ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ (مَسْأَلَةُ: فَادَّارَاتُمْ) فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ أَلِفًا لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَذُكِرَ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ حَذْفُ الْأَلِفِ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ، وَلَيْسَ فِي إِثْبَاتِ الْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَ الرَّاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقَةِ بِالْهَمْزَةِ، وَذَكَرَ الْحَذْفَ أَيْضًا فِي (امْتَلَاتِ وَاسْتَاجَرْتَ وَيَسْتَاخِرُونَ) مِنْ أَجْلِ الرَّسْمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ وَلَا جَائِزٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُنَّ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا حُذِفَتِ اخْتِصَارًا لِلْعِلْمِ بِهَا كَحَذْفِهَا فِي (الصَّالِحَاتِ، وَالصَّالِحِينَ) وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ قُرِئَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى، وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَذْفَ الْأَلِفِ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ الْخَطِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ - يَعْنِي عَلَى حِدَتِهِ - بَلْ وَلَا جَائِزٍ، وَلَا بُدَّ مِنَ الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ: وَهُمَا الْعَرَبِيَّةُ وَصِحَّةُ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ فُقِدَا فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ جَوَازُهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ (مَسْأَلَةُ: الَّذِي ايْتُمِنَ، وَالْهُدَى ايْتِنَا، وَفِرْعَوْنُ ايْتُونِي) فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ فِيهِ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَذُكِرَ فِيهِ وَجْهٌ ثَانٍ هُوَ التَّحْقِيقُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ سُفْيَانَ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي ذَلِكَ مُبْتَدَأَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ضَعْفَهُ، وَذُكِرَ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ زِيَادَةُ الْمَدِّ عَلَى حَرْفِ الْمَدِّ الْمُبْدَلِ، اسْتَنْبَطَهُ أَبُو شَامَةَ حَيْثُ قَالَ: فَإِذَا أُبْدِلَ هَذَا الْهَمْزُ حَرْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute