مَدٍّ، وَكَانَ قَبْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ يُحْذَفُ لِأَجْلِ سُكُونِ الْهَمْزَةِ، فَلَمَّا أُبْدِلَتِ اتَّجَهَ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: عَوْدُ الْحَرْفِ الْمَحْذُوفِ لِزَوَالِ مَا اقْتَضَى حَذْفَهُ، وَهُوَ الْهَمْزَةُ السَّاكِنَةُ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حَرْفَيْ مَدٍّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُمْكِنٌ بِتَطْوِيلِ الْمَدِّ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: حَذْفُهُ لِوُجُودِ السَّاكِنِ. قَالَ: وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ:
وَيُبْدِلُهُ مَهْمَا تَطَرَّفَ مِثْلُهُ ... وَيَقْصِرُ أَوْيَمْضِي عَلَى الْمَدِّ أَطْوَلَا
قَالَ: وَيَنْبَنِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَوَازُ الْإِمَالَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِلَى الْهُدَى ايْتِنَا) لِحَمْزَةَ وَلِوَرْشٍ أَيْضًا، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْأَلِفَ الْأَصْلِيَّةَ أَمَلْنَا، وَإِنْ حَذَفْنَا فَلَا. قَالَ: وَيَلْزَمُ مِنَ الْإِمَالَةِ إِمَالَةُ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ، فَالِاخْتِيَارُ الْمَنْعُ.
(قُلْتُ) : وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَإِذَا كَانَ الْوَجْهَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ: وَيُبْدِلُهُ - الْبَيْتَ - فَيَلْزَمُ أَنْ يَجْرِيَ فِي هَذَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَهِيَ الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، كَمَا أَجْرَاهُمَا هُنَاكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ حَذْفَ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ كَمَا أَجَازَهَا، ثُمَّ فَيَجِيءُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ فِي (الَّذِي اوْتُمِنَ، وَلِقَانَا ايْتِ) ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَفِي (الْهُدَى ايْتِنَا) سِتَّةُ أَوْجُهٍ مَعَ الْفَتْحِ وَثَلَاثَةٌ مَعَ الْإِمَالَةِ، وَيَكُونُ الْقَصْرُ مَعَ الْإِمَالَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ، وَيَصِيرُ فِيهَا مَعَ التَّحْقِيقِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ كُلِّهَا سِوَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْبَدَلُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحِ ; لِأَنَّ حَرْفَ الْمَدِّ أَوَّلًا حُذِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ قَبْلَ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا حُذِفَ مِنْ (قَالُوا الْآنَ، وَفِي الْأَرْضِ، وَإِذَا الْأَرْضُ) لِلسَّاكِنَيْنِ قَبْلَ النَّقْلِ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ لِعُرُوضِ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِعُرُوضِ النَّقْلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هُمَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ: وَيُبْدِلُهُ مَهْمَا تَطَرَّفَ. . . إِلَى آخِرِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْبَيْتِ هُمَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ فِي نَحْوِ (يَشَاءُ، وَالسَّمَاءُ) حَالَةَ الْوَقْفِ بِالْبَدَلِ كَمَا ذُكِرَ فَهُمَا مِنْ بابِ: وَإِنْ حَرْفٌ مُدَّ قَبْلَ هَمْزٍ مُغَيَّرٍ، لَا مِنْ أَجْلِ أنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مَحْذُوفًا فِي حَالَةٍ وَرُجِعَ فِي حَالَةٍ أُخْرَى، وَتَقْدِيرُ حَذْفِ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ هُوَ عَلَى الْأَصْلِ، فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حُذِفَ مِنْ حَرْفِ الْمَدِّ لِلسَّاكِنَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute