عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ اللَّفْظِ بِالْهَمْزِ مَعَ أَنَّ رَدَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْإِمَالَةُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا الدَّانِيُّ فِي " جَامِعِ الْبَيَانِ " كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْإِمَالَةِ، وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُتَحَرِّكُ فَمِنَ الْمُتَطَرِّفِ بَعْدَ الْأَلِفِ (مَسْأَلَةُ: أَضَاءَ، وَشَاءَ، وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَتَرِثُوا النِّسَاءَ) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا الْهَمْزُ فِيهِ مَفْتُوحٌ، فَفِيهِ الْبَدَلُ، وَيَجُوزُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَقَدْ يَجُوزُ التَّوَسُّطُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَحَكَى فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ بَيْنَ كَمَا ذَكَرْنَا، فَيَجِيءُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقِصَرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَصِيرُ خَمْسَةً، وَتَجِيءُ هَذِهِ الْخَمْسَةُ بِلَا نَظَرٍ فِيمَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ مَكْسُورَةً أَوْ مَضْمُومَةً مِمَّا لَمْ يُرْسَمْ لِلْهَمْزِ فِيهِ صُورَةٌ. فَإِنْ رُسِمَ لِلْهَمْزِ فِيهِ صُورَةٌ جَازَ فِي الْمَكْسُورِ مِنْهُ نَحْوُ (وَإِيتَايِ ذِي الْقُرْبَى، وَمِنْ آنَايِ اللَّيْلِ) إِذَا أُبْدِلَتْ هَمْزَتُهُ يَاءً عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ. وَمَذْهَبُ غَيْرِ الْحِجَازِيِّينَ مَعَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أُخْرَى. وَهِيَ الْمَدُّ، وَالتَّوَسُّطُ، وَالْقَصْرُ مَعَ سُكُونِ الْيَاءِ، وَالْقَصْرُ مَعَ رَوْمِ حَرَكَتِهَا، فَتَصِيرُ تِسْعَةَ أَوْجُهٍ، وَلَكِنْ يَجِيءُ فِي (وَايتَايِ) ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَجْهًا بِاعْتِبَارِ تَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الْأَوْلَى الْمُتَوَسِّطَةِ بِزَائِدٍ وَتَحْقِيقِهَا، وَيَجِيءُ فِي (وَمِنْ آنَايِ) سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا بِاعْتِبَارِ السَّكْتِ وَعَدَمِهِ وَالنَّقْلِ، وَجَازَ فِي الْمَضْمُومِ مِنْهُ نَحْوُ (أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَوُا، وَفِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَوُا) مَعَ تِلْكَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أُخْرَى وَهِيَ الْمَدُّ، وَالتَّوَسُّطُ، وَالْقَصْرُ، مَعَ إِشْمَامِ حَرَكَةِ الْوَاوِ، فَيَصِيرُ اثْنَا عَشَرَ وَجْهًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي (بُرَآءُ) مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ تَجْرِي فِيهَا هَذِهِ الْأَوْجُهُ الِاثْنَا عَشَرَ لِحَمْزَةَ وَلِهِشَامٍ فِي وَجْهِ تَخْفِيفِهِ الْمُتَطَرِّفِ، إِلَّا أَنَّ هِشَامًا يُحَقِّقُ الْأُولَى الْمَفْتُوحَةَ وَيُسَهِّلُهَا بَيْنَ بَيْنَ عَلَى أَصْلِهِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ لَهُ حَذْفَهَا عَلَى وَجْهِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، فَيَجِيءُ مَعَهُ أَوْجُهُ إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ وَاوًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ فَتَصِيرُ تِسْعَةَ عَشَرَ. وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَلَا مَأْخُوذٍ بِهِ؛ لِاخْتِلَالِ بِنْيَةِ الْكَلِمَةِ وَمَعْنَاهَا بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةَ، إِنَّمَا حُذِفَتِ اخْتِصَارًا كَمَا حُذِفَتِ الْأَلِفُ بَعْدَهَا لَا عَلَى وَجْهِ أَنْ تَخَفَّفَ بِحَذْفِهَا، وَاخْتَارَ الْهُذَلِيُّ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى قَلْبِ الْأُولَى أَلِفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute