وَبُرَآءُ، وَدُعَاءُ، وَنِدَاءً) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَعُ الْهَمْزَةُ مُتَوَسِّطَةً مُتَحَرِّكَةً بَعْدَ أَلِفٍ، فَإِنَّ فِيهِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَهُوَ التَّسْهِيلُ بَيْنَ بَيْنَ بِأَيِّ حَرَكَةٍ تَحَرَّكَتِ الْهَمْزَةُ، وَيَجُوزُ فِي الْأَلِفِ قَبْلَهَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ إِلْغَاءً لِلْعَارِضِ، وَاعْتِدَادًا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، وَذُكِرَ فِي الْمَضْمُومِ مِنْهُ وَالْمَكْسُورِ الْمَرْسُومِ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَيَاءً وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ إِبْدَالُهُ وَاوًا مَحْضَةً وَيَاءً مَحْضَةً عَلَى صُورَةِ الرَّسْمِ مَعَ إِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ أَيْضًا، وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا فِي الرِّوَايَةِ وَاتِّبَاعِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ بَيْنَ بَيْنَ، وَذُكِرَ أَيْضًا فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ صُورَةُ الْهَمْزَةِ رَسْمًا إِسْقَاطُهُ لَفْظًا، فَقِيلَ فِي نَحْوِ (أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ، وَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ: أَوْلِيَاهُمْ، وَنِسَانَا) هَكَذَا بِالْحَذْفِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْمٌ مَقْصُورٌ عَلَى صُورَةِ رَسْمِهِ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ مِنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ وَفِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ مِنَ الْمَفْتُوحِ مَعَ إِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ إِلْغَاءً وَاعْتِدَادًا بِالْعَارِضِ، وَقِيلَ: فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَوْجُهٍ بَيْنَ بَيْنَ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَاتِّبَاعِ الرَّسْمِ عَلَى رَأْيِهِمْ بِمَحْضِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ أَيْضًا وَالْحَذْفِ مَعَهُمَا أَيْضًا، وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي (جَزَاهُ وَأَوْلِيَاهُ) مَعَ زِيَادَةِ التَّوَسُّطِ، وَرُبَّمَا قِيلَ مَعَ ذَلِكَ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ فِي الْهَاءِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ سِوَى وَجْهٍ بَيْنَ بَيْنَ لَا غَيْرَ كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَذْفُ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَحْوُ (إِسْرَايِلَ، وَيُرَاوُنَ، وَجَاوُكُمْ) فَإِنَّ حَقِيقَةَ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ تَمْتَنِعُ وَلَا تُمْكِنُ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ إِذَا حُذِفَتْ بَقِيَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ سَاكِنَتَيْنِ، وَالنُّطْقُ بِذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْجَمْعُ بَيْنَ يَاءَيْنِ وَوَاوَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَحْذُوفَ وَاوُ الْبِنْيَةِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ رِوَايَةً وَلَا يُوَافِقُ حَقِيقَةَ الرَّسْمِ عَلَى رَأْيِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ سِوَى التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي (دُعَاءً، وَنِدَاءً، وَمَاءً، وَلَيْسُوا سَوَاءً) وَنَحْوِهِ مِمَّا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مُتَوَسِّطَةً بِالتَّنْوِينِ، فَالْجُمْهُورُ فِيهِ عَلَى تَسْهِيلٍ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَإِجْرَاءِ وَجْهَيِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ لِتَغَيُّرِ الْهَمْزِ. وَانْفَرَدَ صَاحِبُ " الْمُبْهِجِ " بِوَجْهٍ آخَرَ فِيهِ، وَهُوَ الْحَذْفُ وَأَطْلَقَهُ عَلَى حَمْزَةَ بِكَمَالِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، عَنْ حَمْزَةَ فِي رِوَايَةِ الضَّبِّيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute