وَلَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ إِجْرَاءُ الْمَنْصُوبِ مَجْرَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَهُوَ لُغَةٌ لِلْعَرَبِ مَعْرُوفَةٌ، فَتُبْدَلُ الْهَمْزَةُ فِيهِ أَلِفًا، ثُمَّ تُحْذَفُ لِلسَّاكِنَيْنِ، وَيَجُوزُ مَعَهُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَكَذَا التَّوَسُّطُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ هُنَا أَوْلَى مِنْهُ فِي الْمُتَطَرِّفِ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ الْمَرْسُومَةَ هُنَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ الْبِنْيَةِ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ التَّنْوِينِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ أَلِفَ الْبِنْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ التَّنْوِينِ، فَيَأْتِي بِقَدْرِ أَلِفَيْنِ وَهُوَ التَّوَسُّطُ، وَعَلَى أَنْ تَكُونَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ الْبِنْيَةِ وَأَلِفِ التَّنْوِينِ، فَيَأْتِي بِقَدْرِ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ، وَهُوَ الْمَدُّ الطَّوِيلُ، وَعَلَى أَنْ تَكُونَ أَلِفَ التَّنْوِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَلِفِ الْبِنْيَةِ، فَتَأْتِي بِقَدْرِ أَلِفَيْنِ أَيْضًا، فَلَا وَجْهَ لِلْقَصْرِ، إِلَّا أَنْ يُقَدَّرَ الْحَذْفُ اعْتِبَاطًا، أَوْ يُرَادَ حِكَايَةُ الصُّورَةِ، أَوْ يَجْرِي الْمَنْصُوبُ مَجْرَى غَيْرِهِ لَفْظًا، وَلَوْلَا صِحَّتُهُ رِوَايَةً لَكَانَ ضَعِيفًا، وَأَمَّا (وَأَحِبَّاوُهُ) فَفِي هَمْزَتِهِ الْأُولَى التَّحْقِيقُ وَالتَّسْهِيلُ؛ لِكَوْنِهَا مُتَوَسِّطَةً بِزَائِدٍ، وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا تَسْهِيلُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً مَعَ إِسْكَانِ الْهَاءِ، وَإِنْ أُخِذَ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ فِي الْهَاءِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجِيزُهُ، تَصِيرُ اثْنَا عَشَرَ، وَحُكِيَ فِيهَا إِبْدَالُ الْوَاوِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ عِنْدَهُمْ، وَذُكِرَ فِيهَا إِبْدَالُ الْأُولَى أَلِفًا عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسْمِ أَيْضًا عَلَى رَأْيِهِمْ، فَيَصِيرُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يَجُوزُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا تَرَاءَ مِنْ (الْتَقَى الْجَمْعَانِ) فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ، فَإِنَّ أَلِفَهَا الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزِ تُحْذَفُ وَصْلًا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ إِجْمَاعًا، فَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهَا ثَبَتَتْ إِجْمَاعًا، وَلَهَا حُكْمٌ فِي الْإِمَالَةِ يَأْتِي، وَاخْتَصَّ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ بِإِمَالَةِ الرَّاءِ وَصْلًا، فَإِذَا وَقَفَ حَمْزَةُ سَهَّلَ الْهَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ وَأَمَالَهَا مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ بَعْدَهَا وَهِيَ الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ الَّتِي حُذِفَتْ وَصْلًا لِلسَّاكِنَيْنِ، وَهِيَ لَامُ " تَفَاعَلَ "، وَيَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ لِتَغَيُّرِ الْهَمْزِ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَا يُؤْخَذُ بِخِلَافِهِ. وَذُكِرَ فِيهَا وَجْهَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: حَذْفُ الْأَلِفِ الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ اللَّامُ، مِنْ أَجْلِ حَذْفِهَا رَسْمًا عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ فِي اتِّبَاعِ الرَّسْمِ، فَتَصِيرُ عَلَى هَذَا مُتَطَرِّفَةً، فَتُبْدَلُ أَلِفًا لِوُقُوعِهَا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute