للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلِفٍ، وَيُفْعَلُ فِيهَا مَا يُفْعَلُ فِي (جَاءَ، وَشَاءَ) فَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِمْ: ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ هِيَ الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، وَأَجْرَوْا هِشَامًا مَجْرَاهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إِذَا خَفَّفَ الْمُتَطَرِّفَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَهَذَا وَجْهٌ لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ لَفْظِهِ وَفَسَادِ الْمَعْنَى بِهِ، وَقَدْ تَعَلَّقَ مُجِيزُ هَذَا الْوَجْهِ بِظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ: كَانَ حَمْزَةُ يَقِفُ عَلَى (تَرَاءَ) يَمُدُّ مَدَّةً بَعْدَ الرَّاءِ وَيَكْسِرُ الرَّاءَ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. انْتَهَى. وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَ مَا قَالُوهُ وَلَا جَنَحَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَجْهَ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَعَبَّرَ بِالْمَدَّةِ عَنِ التَّسْهِيلِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْقُرَّاءِ فِي إِطْلَاقِ عِبَارَاتِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُذَّاقَ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ مِثْلَ الْأُسْتَاذِ الْكَبِيرِ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَ بِمُرَادِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَرَهُ وَلَا أَخْذَ عَنْهُ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الدَّانِيُّ فِي " جَامِعِ الْبَيَانِ ": فَوَقَفَ حَمْزَةُ (تَرَاءَ) بِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ وَيَمُدُّ بَعْدَهَا مَدَّةً مُطَوَّلَةً فِي تَقْدِيرِ أَلِفَيْنِ مُمَالَتَيْنِ. الْأُولَى أُمِيلَتْ لِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ، وَالثَّانِيَةُ أُمِيلَتْ لِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الْهَمْزَةِ الْمُسَهَّلَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِالصَّدْرِ؛ لِأَنَّهَا فِي زِنَةِ الْمُتَحَرِّكِ، وَإِنْ أُضْعِفَ الصَّوْتُ بِهَا وَلَمْ يَتِمَّ فَيَتَوَالَى فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى مَذْهَبِهِ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ مُمَالَةٍ: الرَّاءُ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ، وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَهَا الدَّاخِلَةُ لِبِنَاءِ " تَفَاعَلَ "، وَالْهَمْزَةُ الْمَجْعُولَةُ عَلَى مَذْهَبِهِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَهَا الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ حَكَى قَوْلَ ابْنِ مُجَاهِدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بِلَفْظَهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مَجَازٌ، وَمَا قُلْنَاهُ حَقِيقَةٌ، وَيَحْكُمُ ذَلِكَ الْمُشَافَهَةُ. انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ لَمْ يُرِدْ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَشَارَ الدَّانِيُّ بِقَوْلِهِ: تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُشَكِّلُ ظَاهِرَةً، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُشَافَهَةِ الشُّيُوخِ وَأَلْفَاظِهِمْ لَا مِنَ الْكُتُبِ وَعِبَارَاتِهَا. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ فِي قَوْلِ ابْنِ مُجَاهِدٍ: هَذَا إِنْ كَانَ يُرِيدُ بِالْمَدِّ أَلِفَ " تَفَاعَلَ " وَإِسْقَاطَ الْعَيْنِ وَاللَّامِ، فَهَذَا الْحَذْفُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً، فَتَقُولُ: (تَرَايَا) حَكَاهُ الْهُذَلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِهِ: إِنَّهُ لَمَّا قَرَّبَ فَتْحَةَ الرَّاءِ مِنَ الْكَسْرَةِ بِالْإِمَالَةِ أَعْطَاهَا حُكْمَ الْمَكْسُورِ،