للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلّق الحكم وهو جواز دفع المال على شرطين:

أحدهما: بلوغ النكاح.

والثاني: إيناس الرشد.

ورجع الحنفية ما ذهبوا إليه بأنّ استعمال المشدّد بمعنى المخفّف لا يحتاج إلى إضمار شيء. أما مذهب المالكية فيحتاج إلى إضمار (بالماء) .

وقالوا على الثاني: إنّ ما ذهبتم إليه يخل بحكم الغاية، أمّا ما ذهبنا إليه فيحفظ حكم الغاية، ويقرها على أصلها، ويوافق ما يفهمه العرب من مثله، فإذا قلت: لا تعط زيدا حتى يدخل الدار، فإذا دخل الدار فأعطه درهما. كان المفهوم منه أن ما ذكر في الشرط هو المذكور في الغاية، وليس ذلك تجديد شرط زائد.

فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ بالنكاح لا بالسفاح، وقيل: من حيث أحلّ لكم الإتيان لا صائمات ولا محرمات ولا معتكفات. وقيل: من حيث أمركم الله باعتزالهن، وهذا الأمر للإباحة. لا للوجوب، لأنّه بعد الحظر، وقد اختلف فيه، والحق أنه لا يقتضي الوجوب، وذهب ابن حزم إلى أنه يجب غشيانهن بعد الطهر.

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.

محبة الله: هي إرادته ثواب العبد.

والتوبة: هي رجوع العبد عن حالة المعصية عن إتيان النساء في غير موضع الحرث، وقيل: هم الذين لا ينقضون التوبة، طهّروا أنفسهم بعدم الرّجوع إلى المعصية، والأول هو المنعطف على سابق الآية. المنتظم معها.

قال الله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣) حَرْثٌ: الحرث في اللغة الزرع. وهو على حذف مضاف، أي موضع حرثكم، أو الحرث بمعنى المحترث والمزدرع وإنما كانت النساء محترثا ومزدرعا، لأنّهنّ مكان نبات الولد.

المعنى: نساؤكم مزدرع لكم، تثمر لكم الأولاد، فأتوا هذا المزدرع، أَنَّى شِئْتُمْ على أي وجه شئتم مقبلة، أو مدبرة مضطجعة أو قائمة أو منحرفة، بعد أن يكون المأتى في موضع الحرث.

وقد روى مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أو قفه عند كل آية، وأسأله عنها، حتى انتهى إلى هذه الآية نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ فقال ابن عباس: إنّ هذا الحيّ من قريش كانوا

<<  <   >  >>