ثالثا: أنه يحبب إليه التعامل بالمقامرات وأنواع المعاملات الخطرة، وفي الغالب يؤول أمره إلى المحق والدمار.
وأما الآخرة فلما يأتي:
أولا: لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: معنى هذا المحق أنّ الله تعالى لا يقبل منه صدقة ولا جهادا ولا حجا ولا صلة رحم.
ثانيا: لأنّ مال الدنيا لا يبقى عند الموت، وتبقى التبعات والعقوبات، وهذه هي الخسارة الكبرى.
وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أي لا يرضى عن كلّ من يصرّ على تحليل- أي ارتكاب- المحرمات أَثِيمٍ منهمك في ارتكاب المعاصي التي توجب الإثم. فالآية في المسلمين الذين يرتكبون المعاصي وهاهنا أمور:
الأول: التخبط- مصدر (يتخبط) بوزن تفعّل- غير متعد، ولكنّه عداه هنا نظرا لأنّ تفعّل يأتي كثيرا بمعنى فعل، نحو تقسّم المال: أي قسمه.
الثاني: قوله: مِنَ الْمَسِّ يصح تعلّقه بقوله: يَقُومُونَ، أو بقوله: يَقُومُ وهو علة لما تعلق.
الثالث: هذه الآية ظاهرة في أنّ الشيطان يتخبط الإنسان ويضربه ويمسّه ويصرعه، وبذلك قال أهل السنة، وهو مبنيّ على أنه لا يوجد مانع من القول بأن الشيطان جسم كثيف.
وقيل: إن الشيطان ضعيف لا قدرة له على الضرب والصرع والأعمال الشاقة، لأنه جسم لطيف كالهواء، ليس فيه صلابة ولا قوة، فيمتنع أن يكون قادرا على أن يضرب الإنسان ويصرعه، ولأن القرآن الكريم يدل على أنه ليس للشيطان قدرة على الصّرع والقتل والإيذاء، حيث يقول حكاية عن الشيطان: وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إبراهيم: ٢٢] فأفسد أحوالهم، وأفشى أسرارهم وأزال عقولهم، وكل ذلك باطل.
وأما ما ورد في القرآن الكريم: من أنهم كانوا يعملون لسليمان بن داود عليهما السلام ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، فإنما كان بإقدار من الله على هذه الأفعال معجزة لسليمان عليه السلام.
وتأوّل أصحاب هذا القول التخبط والمسّ في هذه الآية بوسوسة الشيطان المؤذية التي يحدث عندها الصرع.
وإنما تحدث الوسوسة الصرع بسبب ضعف الطباع وغلبة السوداء على الإنسان، فيعتريه من الخوف والذّعر عند الوسوسة ما يصرعه، كما يصرع الجبان في