فإذا لم يجز إعطاء الجازر أجرته منها فأولى إلا يجوز بيع شيء منها.
٨- في قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ دلالة على وجوب التحلل الأصغر، وذلك بالحلق أو التقصير.
٩- وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ فيه دلالة على وجوب الوفاء بالنذر، وأداء ما التزمه الإنسان من أعمال البر، سواء أكان من جنسه واجب أم لا.
١٠- وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فيه دلالة على لزوم هذا الطواف، والمراد به طواف الإفاضة، كما هو مروي عن ابن عباس وجماعة من التابعين، وبهذا قال فقهاء الأمصار.
وقيل: الطواف في الآية هو طواف الصدر. وهو بعيد، لأنّ الطواف الذي يلي قضاء التفث إنما هو طواف الإفاضة الذي اتّفق على أنّه ركن، فمن البعيد جدا أن تتعرض الآية لطواف الوداع الذي اختلف في عدّه من المناسك، وتترك ما هو أهم منه وأعظم.
هذا والحكم بأنّ وقت هذا الطواف أيام النحر كلها أو اليوم الأول فقط لا يؤخذ من هذه الآية، كما أنه لا يؤخذ منها اشتراط الطهارة وستر العورة فيه، لأنّ اسم الطواف يقع على الدوران حول الكعبة، فعلى أي حالة حصل هذا الدوران فقد حصل مسمى الطواف، ومن اشترط شيئا وراء ذلك فإنما طريقه السنة وعمل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
قال الله تعالى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١) اسم الإشارة في مثل هذا الموطن يؤتى به للفصل بين كلامين، كما في قول زهير وقد تقدم له وصف هرم بالشجاعة والكرم:
هذا وليس كمن يعيا بخطبته ... وسط الندى إذا ما ناطق نطقا
وكما في قوله تعالى: هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥)[ص: ٥٥] ويقدر له ما يتم به الكلام، أي الأمر ذلك، أو امتثلوا ذلك.
وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ الحرمات جمع حرمة، قيل: هي بمعنى ما حرّمه الله من كلّ منهي عنه، أو من المنهيات في باب الحج فقط، كما روي عن ابن عباس أنّها فسوق، وجدال، وجماع، وصيد. وتعظيمها يكون باجتنابها.
وقيل: الحرمات الأشياء التي جعل الله لها احتراما في الحج وغيره، وهي جميع التكاليف وقيل: وهي مناسك الحج خاصّة.