في كلام للحافظ ابن كثير -رحمه الله- قال:"أشرف أنواع العلو ما كان قريباً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأما العلو بقربه إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم السماع فتلك أمور نسبية، وقد تكلم الشيخ أبو عمرو هاهنا على الموافقة، وهي انتهاء الإسناد إلى شيخ مسلم مثلاً، والبدل: وهو انتهاؤه إلى شيخ شيخه أو مثل شيخه، والمساواة: وهي أن تساوي في إسنادك الحديث لمصنف، والمصافحة: وهي عبارة عن نزولك عنه بدرجة حتى كأنه صافحك به وسمعته منه، وهذه الفنون توجد كثيراً في كلام الخطيب ومن نحا نحوه، وقد صنف الحافظ ابن عساكر في ذلك مجلدات، وعندي أنه نوع قليل الجدوى بالنسبة إلى بقية الفنون".
هنا يقول الشيخ أحمد شاكر:"القسم الرابع من أقسام العلو: تقدم وفاة الشيخ الذي تروي عنه عن وفاة شيخ آخر، وإن تساويا في عدد الإسناد قال النووي في التقريب: فما أرويه عن ثلاثة عن البيهقي عن الحاكم أعلى مما أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم؛ لتقدم وفاة البيهقي على ابن خلف، وقد يكون العلو بتقدم وفاة شيخ الراوي مطلقاً لا بالنسبة إلى إسناد آخر ولا إلى شيخ آخر، وهذا القسم جعل بعضهم حد التقدم فيه مضي خمسين سنة على وفاة الشيخ وجعله بعضهم ثلاثين -اللي أشار إليه المؤلف هنا –الناظم- الخامس: العلو بتقدم السماع فمن سمع من الشيخ قديماً كان أعلى ممن سمع منه أخيراً، كأن يسمع شخصان من شيخ واحد أحدهما سمع منه منذ ستين سنة مثلاً، والآخر منذ أربعين، فالأول أعلى من الثاني.
قال في التدريب: "ويتأكد ذلك في حق من اختلط شيخه أو خرف" يعني أن سماع من سمع قديماً أرجح وأصح من سماع الآخر، أو الآخِر، يعني المتأخر.
ثم إن النزول يقابل العلو، وكل إسناد عال فالإسناد المقابل له إسناد نازل، وبذلك يكون النزول خمسة أقسام أيضاً كما هو ظاهر.