أولاً: الحلف بغير الله جاء النهي عنه صراحة، ومن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك، ومعلوم أن المراد بذلك الأصغر أن الشرك الأصغر، وليس الأكبر المخرج عن الملة إلا إذا قصد من وراء ذلك الحلف تعظيم المحلوف به، كتعظيم الله -جل وعلا-، فهذا أمره آخر، وجاء الحديث في النهي عن ذلك فقال:((لا تحلفوا بآبائكم)) وقال ابن مسعود: "لأن أحلف بالله كاذباً خير من أحلف بغيره صادقاً"، إذا تقرر هذا؛ فالحلف بغير الله حرام، بل شرك كما جاء في الحديث، والشرك الأصغر عند أهل العلم أعظم من الكبائر، أعظم من الكبائر، نعم جاء في صحيح مسلم في الروايات المتداولة:((أفلح وأبيه إن صدق))، في حديث الرجل الذي قال:"والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص" يعني على الفرائض. أما رواية البخاري لهذا الحديث بعينه فليس فيه ((وأبيه))، إنما:((أفلح إن صدق))، والحافظ ابن حجر ينقل عن السهيلي أنه وقف على نسخة عتيقة صحيحة من صحيح مسلم فيها:((أفلح والله إن صدق))، فكأن اللامين قصرتا فأشبهت في الصورة وأبيه، من حيث الصورة الصورة واحدة إذا قصرت اللامان في لفظ الجلالة فرسمها مثل رسم أبيه، والله مثل أبيه، إذا قصرت اللامان صارت الصورة واحدة، فكلام السهيلي يدل على أن هذه مصحفة ولا توجد في الأصل؛ علماً بأن تخريج البخاري بدونها لا شك أنه إعلال لها وإعراض عنها، ويدل على ذلك ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من النهي، أهل العلم يجيبون عن مثل هذا فيقولون: لعله قبل النهي؛ لأنه لا يمكن أن يعارض قوله بفعله، ولو كانت المسألة مسألة نهي ((لا تحلفوا بآبائكم))، لقلنا: إن وروده في مثل هذا الحديث دليل على أن النهي للكراهة، ويكون صارف من التحريم من الكراهة، لكن إذا أخبر عنه بأنه شرك والشرك لا ينسخ ولا يصرف، الشرك شرك، وهو داخل وإن كان صغيراً في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء]، فهذه الآية شاملة للشرك الأكبر والأصغر، إلا أن الفرق بينهما أن الأكبر يخلد في النار، والأصغر لا يخلد؛ بل لا بد من عذابه، في قول جمع من أهل العلم، وآخرون يرون أنه حكمه حكم كبائر الذنوب تحت