للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح" وأخرجه الجماعة، أخرجه الأئمة كلهم في البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وعند أحمد "وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء" لكن إذا كان النوم يخشى منه أن ينام عن الصلاة، وعدم النوم يخشى منه عدم الإقبال على الصلاة والخشوع فيها لمزيد التعب، تعب في نهاره كله، ثم لما صلى المغرب قال: أستعد لصلاة العشاء فأنام قليلاً لأستيقظ نشطاً لأؤديها بقلب حاضر، معروف أن الإنسان إذا صلى وهو متعب لا سيما إذا كان بعد صلاة العشاء تراويح أو تهجد أو ما أشبه ذلك فإنه يحتاج إلى شيء من الاستعداد، فإذا كان هذا هو السبب فالأمور بمقاصدها إذا نام ليستعد للصلاة، إذا نام ليستعد للصلاة على أنه لو نام على مقتضى السنة الإلهية ما احتاج إلى مثل هذا؛ لأن النصوص يساعد بعضها بعضاً، ولا يناقض بعضها بعضاً، أحياناً يؤتى بمقدمات غير شرعية ثم بعد ذلك نتوقع نتائج شرعية، هذا شخص سهر الليل ويقول: لو صليت الفجر في أول وقتها ما أقبلت عليها، فلا بد أن أنام لأستعد لصلاة الفجر، نقول: أصل المقدمة غير شرعية فكيف تطلب النتيجة الشرعية من هذه المقدمة؟ الأصل أن ينام النوم الكافي في الليل، ويضيف إليه ما يحتاج إليه من القيلولة في منتصف النهار، وحينئذٍ لا يحتاج إلى أن ينام العصر أو ينام المغرب، لكن لو عرض له عارض كما يعرض للنبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً ما يشغله عن ذكر أو عن راتبة أو نحوها، يعرض له ذلك، لكن ليس هذه عادة وديدن، وقت المسلم ينبغي أن يكون مرتباً منظماً، فلا يحتاج إلى نوم في وقت الاستيقاظ، ولا يحتاج إلى استيقاظ في وقت النوم، لا نقول: ينام المغرب ليستعد لصلاة العشاء، اللهم إلا إذا جاءه ما يشغله من أمر عارض، أو علة طارئة، ما استطاع معها أن ينام، نقول: نعم، لا مانع من أن ينام، على أن لا يضيع الصلاة مع الجماعة، وحينئذٍ تنتفي الكراهة في حقه؛ لأن الكراهة عند أهل العلم تزول بأدنى حاجة، الكراهة تزول بأدنى حاجة عند أهل العلم، لكن إذا ترتب على فعل المكروه أمر محرم أو ترك واجب فإنه لا يجوز بحال.