قال -رحمه الله-: "حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو معاوية" الضرير محمد بن خازم، وهو من ثقات الرواة "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن إبراهيم" النخعي "عن علقمة" ابن قيس النخعي "عن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمر" وهناك كان يكره، والمعروف والغالب من استعمال كان الاستمرار، وقد تأتي للفعل ولو مرة واحدة، وهنا: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمر" يسمر من باب نصر، يعني في ميزانها الصرفي نصر ينصر، "يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما"
الرسول -عليه الصلاة والسلام- يسمر مع أبي بكر، يعني هل الأولى أن يقال: الرسول يسمر مع أبي بكر أو أن يقال: أبو بكر يسمر مع الرسول؟ لأن المعية تشعر بالتبعية؛ يعني كما قالوا:
وإن يكن لاثنين نحو التزما ... فمسلم مع البخاري هما
قالوا: قدم مسلم؛ لأنه أتبعه بمع، والمعية تشعر بالتبعية، فمسلم تابع للبخاري في مثل هذا التقديم، هنا يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمر مع أبي بكر" يعني هل الأولى أن يقال مثل هذا أو يقال: كان أبو بكر يسمر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أما قوله: "وأنا معهما" هذا ما فيه إشكال، المعية تابعة، وأفرد نفسه عنهما ليدل على أن منزلته متأخرة عن منزلتهما، رضي الله عن الجميع، وصلى الله على نبيه وآله وصحبه.
"يسمر مع أبي بكر" يعني هل هذا التعبير أدق أو يقال: كان أبو بكر يسمر مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
الآن المقدم في الذكر تقديم النبي -عليه الصلاة والسلام- في الذكر وإن عطف عليه أبو بكر بلفظ المعية إلا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو المقصود بالاحتجاج فقدم من أجل هذا؛ لأن الحجة في فعله -عليه الصلاة والسلام-، وتقديمه في الذكر من باب عدم التقدم بين يديه، وهذه مصالح ومرجحات فائقة على مجرد المعية التي يفهم منها شيء من التبعية.