هذه أجبنا عنها مراراً، وقلنا: إن الجمع بين الصحة والحسن مشكل عند أهل العلم؛ لأن الحكم بالحسن حكم على الخبر بالمنزلة الدنيا، والحكم له بالصحة حكم له بالمنزلة العليا، فيجمع له بين الدنيا والعليا، وهذا لا شك أنه إشكال، وقلنا مراراً: إن هذا نظير من سئل بعد نجاحه عن تقديره فقال: جيد جداً ممتاز، يجي مثل هذا الكلام وإلا ما يجي؟ ما يمكن يجي هذا إلا على تقدير انفكاك الجهة، بمعنى أنه جيد جداً في التقدير العام وممتاز في التقدير الخاص، ممكن، وهنا نقول: إنه حسن باعتبار طريق، وصحيح من طريق أخرى، حسن باعتبار مفرداته، صحيح باعتبار المجموع، ومنهم من يقول: إن المراد بقوله: حسن صحيح أنه على سبيل التردد، يعني لا يدرى هل بلغ مرتبة الصحة أو لم يبلغها، وأما الحسن فمتحقق، فيقال: حسن صحيح يعني يقصر دون الصحيح، وأما الحسن فمتيقن، ومنهم من يقول: إن هذا سببه التردد عند الإمام الترمذي، وغاية ما هنالك أنه عليه أن يقول: حسن أو صحيح، ومنهم من يقول: إن حسن صحيح مرتبة بين الحسن والصحيح، فيكون صحيح مشرب بحسن، أو حسن مشرب بصحة، كما يقال في الطعوم إذا جئت بالحلو مفرداً قلت: حلواً، وإذا جئت بالحامض قلت: حامض، وإذا خلطتهما قلت: حامض حلو، فهذا قريب منه، وعلى كل حال الأجوبة كثيرة جداً.
وأما الغرابة فهي غرابة نسبية لا يريد بها الترمذي التفرد؛ لئلا تعارض كلمة حسن الذي يشترط له أن يروى من غير وجه، ومع ذلك لو أن راويه تفرد به ولا يعرف إلا عنه، قلنا: إن الترمذي في تعريفه للحسن وشرطه أن يروى من غير وجه إنما هو فيما يقول فيه حسن فقط، دون وصف آخر.
يقول: ماذا يفعل الباحث إذا اختلف الثقات في الحكم على الراوي؟
يعني إذا اختلف الأئمة على راوٍ من الرواة لا شك أن هناك قواعد عند أهل العلم تضبط ما جاء في الرواة من جرح أو تعديل، من أرادها يرجع إليها في كتب أهل العلم، ويكثر من النظر في أحكامهم.
يقول: اختلف العلماء في عدد أحاديث صحيح البخاري ما سبب ذلك؟