للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: ولم يختلف أبو حنيفة وأصحابه في أن تأخيرها أفضل، وهذا يبنى على خلاف في مسألة أخرى وهي أن الصلاة هل تجب في أول الوقت أم لا؟ ولو شاء ربك لم يختلف أحد في مثل هذا مع ظهوره، ولكن القلوب والخواطر بيد مالك النواصي، يصرف الكل حيث شاء أو كيف يشاء، وصورة المذهب أن الشمس إذا زالت توجه الخطاب على المكلف بالأمر، وضرب له في امتثاله حداً موسعاً يربو على صورة الفعل، يعني يزيد على صورة الفعل، وأبو حنيفة قد وافقنا على الواجب الموسع في الوقت كالكفارات وقضاء رمضان ولا خلاف بين الأمة فيه، والدليل عليه قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(٧٨) سورة الإسراء] وأياً ما كان الدلوك الزوال أو الغروب فهو حجة لنا، فإن الخطاب بالأمر يتوجه فيه، فالفاعل يكون ممتثلاً والمسألة أصولية وقد بيناها في كتاب المحصول، وإذا ثبت هذا فالمبادرة إلى امتثال الأمر والمسارعة إلى قضاء الواجب متفق عليه من الأئمة، وإنما يخالف أبو حنيفة وأصحابه في فضل تقديم الصلاة لاعتقادهم أن الصلاة تجب في آخر الوقت، فقالوا: إن وقت الوجوب أفضل وقد بينا فساده، والله أعلم.