((ولكن شرقوا أو غربوا)) فقال أبو أيوب الصحابي: فقدمنا الشام" يعني بعد فتحها قدموا الشام فوجدوا مراحيض "فوجدنا مراحيض" جمع مرحاض، وهو المتخذ لقضاء الحاجة "قد بنيت مستقبل القبلة" هذا في الشام يعني بنيت إلى جهة الجنوب، بنيت إلى جهة الجنوب إلى جهة القبلة "قال: فننحرف عنها" يعني نميل عن جهة القبلة ينحرفون يميناً أو شمالاً عنها "فننحرف عنها ونستغفر الله" يقول ابن العربي: هذا الاستغفار يحتمل ثلاثة أوجه: الأول: أن يستغفر الله من الاستقبال، من هذا الاستقبال؛ لأنه وإن انحرف فإنه لا يستطيع أن ينحرف كثيراً، لا يستطيع أن ينحرف كثيراً، إنما ينحرف قليلاً عن الجهة، ولا يستطيع أن يحرف تمام الانحراف إلى جهة مخالفة، إلى الشرق أو إلى الغرب، فلا يستطيع امتثال ((ولكن شرقوا أو غربوا)) فيستغفرون الله -جل وعلا- على ما بدر منهم وحصل، هذا الوجه الأول، الوجه الثاني: أنه يستغفر الله من ذنوبه، من ذنوبه فإن هذا الذي وقع فيه أو وُقع فيه من قبله ذنب، والذنب يذكر بالذنب، فيذكر الإنسان ذنوبه فيستغفر الله منها، وإلا فقد فعل في هذا الظرف وفي هذه الحال ما أمر به، انحرف عن القبلة ولم يرتكب محظور، وحينئذٍ ليس عليه استغفار، ومع ذلك الإنسان لو أدى جميع ما عليه على حد زعمه فإنه لن يستغني عن الاستغفار، التقصير لا بد منه ولا يمحوه إلا الاستغفار.