للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وفي الباب عن بريدة -عند البخاري- ونوفل بن معاوية" عند البخاري أيضاً، وفي الحديث التغليظ على من تفوته صلاة العصر، وأن ذلك مختص بها، جاء عند ابن حبان بلفظ: ((الصلاة)) بدل العصر ((الذي تفوته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله)) وعلى كل حال من تفوته الصلاة فقد فاته الخير؛ لأن الصلاة عمود الدين، وماذا يدرك من فاتته الصلاة؟ وإذا قارنا بين أمور الدنيا كلها بالصلاة فإننا نرى أنه لا نسبة بينهم ((وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)) يعني هذه المليارات التي يملكها الناس في جميع الأقطار، وهذه القصور، وهؤلاء الخدم، وهذه المركوبات، وهذه المأكولات والمشروبات كلها لا تقوم في صف ركعتي الصبح، والمراد بذلك النافلة وليست الفريضة، فماذا عن الفريضة؟ وبعض الناس إما أن يقول ذلك مازحاً ساخراً، إذا صلى شخص ركعتين وكثيراً ما يفعل هذا عند من عنده شيء من التغفيل، يقال له: هل تبيع الركعتين بألف؟ يقول: هات، هات يصلي ركعتين بدقيقتين والألف ما يدركه ولا بشهر ولا بشهرين، لا يجوز للطرفين معاً مثل هذا الكلام؛ لأن أمور الدين لا تجوز المساومة عليها ولو مازحاً، وأحياناً يسعى بعضهم في تأثيم أخيه، ويأثم معه؛ لأنه هو المتسبب كل هذا على سبيل المزاح، إذا حج، قال: تبيع الحجة بمائة ألف، يقول: هات نحج ثانية، ولا هو بشاري ولا شيء، لكن يدخل شيئاً من الخلل في قصد هذا الحاج الذي إن كان حجه مبروراً رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولا شك أن الندم على العبادة يعني على فعلها بعد تمامها لا يبطلها لكنه مع ذلك يخل فيها، يخل في أجرها الثابت لها، يعني لو صلى إنسان وندم أنه صلى، صام وندم أنه صام، الصلاة خلاص مضت يعني بعد الفراغ من العبادة لا يلتفت إلى الشيء، لكن مع ذلك الخلل يحصل بكونه يؤثر هذه الدنيا الفانية على دينه، وركعتا الصبح خير من الدنيا وما فيها، يعني الدنيا لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء، وأي شيء أدنى من جناح البعوضة، لكننا لا نعرف حقيقة هذه الدنيا؛ لأن حبها أشرب قلوبنا، يعرف حقيقتها سعيد بن المسيب هو الذي يعرف حقيقة الدنيا لما جاءه الواسطة يخطب ابنته لابن الخليفة، وقال له: يا سعيد جاءت الدنيا