هم في سفر ثم ناموا قبل صلاة الصبح، ووكل الإيقاظ إلى بلال، فما استيقظوا إلا بحر الشمس، فاستيقظ أبو بكر وعمر، وعرفوا من عادته -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يوقظ حتى يستيقظ، فكبر عمر فرفع صوته بالذكر، فاستيقظ النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم أمرهم -عليه الصلاة والسلام- بالارتحال عن المكان الذي ناموا فيه إلى محل آخر، انتقلوا عن هذا المكان الجمهور قالوا: إنه انتقل عن المكان للعلة المنصوصة في بعض الروايات، وهو أنه مكان حضر فيه الشيطان، والحنفية يقولون: انتقل عن المكان ليخرج وقت النهي، مع أن وقت النهي خرج قبل ذلك؛ لأنهم أيقظهم حر الشمس، ولا يكون للشمس حر إلا وقد انتهى وقت النهي.
انتقلوا من المكان الذي حضر فيه الشيطان، شخص في بيته في غرفته استيقظ بعد طلوع الشمس بساعة هل نقول له: انتقل من هذا المكان الذي حضر فيه الشيطان إلى مكان آخر؟ ولنفترض أن البيت غرفة واحدة كما كان في عصر سلف هذه الأمة، كبيوته -عليه الصلاة والسلام-، البيت غرفة واحدة، نقول له: اخرج من البيت لأنه حضر فيه الشيطان؟ طيب متى يرجع؟ هذا قال جمع من أهل العلم: إن هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، هو الذي عرف أن هذا المكان حضر فيه الشيطان، وهل كل مكان تفوت فيه الصلاة في مثل هذه الصورة يكون حضر فيه الشيطان؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- تنام عيناه ولا ينام قلبه، تنام عيناه ولا ينام قلبه فكيف نام عن الصلاة وقلبه يقظان؟ نقول: إنه في هذه الحالة نام قلبه -عليه الصلاة والسلام-، وإن كانت العادة جرت أن قلبه لا ينام من أجل التشريع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما ينسى ليسن، يسهو في الصلاة من أجل أن يسن، ويكون هذا أكمل في حقه، ونام عن الصلاة من أجل تشريع الصلاة بالنسبة لمن خرج وقتها عليه غير مفرط بنوم أو نسيان.