لكن القول بما أشير إليه هنا وهو قول معروف عند أهل العلم أن صلاة الخوف لا تصلى في الحضر، هذا يترتب عليه تأخير الصلوات عن وقتها، والوقت شرط لصحة الصلاة، وصلاة الخوف على الصفة التي جاءت بها السنة في ستة مواطن أو سبعة كما صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- الخلل متطرق للصلاة بلا شك، وصلاة الخوف تشتمل على كثير من الأمور التي تبطل الصلاة في حال الأمن، وهنا يتجاذب المسألة النظران، هل يتجاوز عن الوقت ويقال: تؤخر الصلوات وتؤدى كما أمر الله؟ تؤخر عن أوقاتها يصلي أوقات، أربعة أوقات، خمسة أوقات، يوم يومين ثلاثة إلى أن يحصل الأمن في حال الحضر، ولا تصلى صلاة الخوف على شيء من الخلل في الأركان، واشتمالها على شيء من المبطلات، أو نقول: إن غزوة ذات الرقاع متأخرة عن غزوة الخندق فتشرع صلاة الخوف في وقتها جماعة على شيء من الخلل الذي جاءت به النصوص؟ وهو بالنسبة لصلاة الخوف وإن كان خللاً بالنسبة للأمن إلا أنه في الخوف كمال، محافظة على الوقت، ومحافظة على الجماعة، ولا شك أن صلاة الخوف من أقوى الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، يعني تجاوز فيها عن أمور كثيرة، مع أنه يمكن أن يصلي الناس فرادى ويضبطون صلاتهم على الوجه المأمور به محافظة على الجماعة، لا سيما في هذا الموطن، الذي تظهر فيه هيبة المسلمين ضد الأعداء أمر لا بد منه.
وعلى كل حال المسألة خلافية، فمن قال: إن صلاة ذات الرقاع متقدمة على الخندق، قال: إن صلاة الخوف لا تصلى في الحضر ولو ترتب على ذلك تأخير الصلاة عن وقتها كما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
ومن قال: إن غزوة ذات الرقاع متأخرة قال: إنما حصل بغزوة الخندق. . . . . . . . .، والقولان لا شك أنهما متعادلان؛ لأن هذا فيه خلل في الوقت، وهذا خلل في ذات الصلاة.
يقول: كيف الجمع بين قول الله -جل وعلا-: {وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [(٣٣) سورة الرعد] وبين قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [(١٧) سورة فصلت]؟