للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط تقدم، وتقدم أن ابن عمر رآه قبل أن يقبض بعام في بيت حفصة يستقبل الشام ويستدبر الكعبة، قالوا: هذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، نقول: مثل هذا لا يمكن أن يقال: إنه من الخصائص، لماذا؟ لأن عدم الاستقبال والاستدبار كله من باب تعظيم الكعبة، وتعظيم الشعائر من تقوى القلوب، ولا يمكن أن يقال: إن الأمة أليق بها أن تعظم الشعائر أكثر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالقول بالتفريق بين البنيان والفضاء أرجح من القول بأن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على ما تقدم بيانه.

أيضاً: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لجرهد: ((غط فخذك، فإن الفخذ عورة)) وفي الصحيح حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه، قالوا: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

تغطية الفخذ والاحتشام وعدم إبداء شيء مما يستحيى من كشفه أليق بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أو لا؟ هو أليق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمكن أن يقال: هذا من خصائصه، إلا لو كان العكس، لقلنا: هذا أليق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، فهناك أشياء إذا تعارض فيها القول والفعل قلنا: القول لعامة المسلمين، لعموم المسلمين والفعل خاص به، وقد يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، يفعل الفعل مخالفاً القول لبيان الجواز، أو لأن هذا النهي للكراهة، أو ترك هذا الواجب لبيان أنه للاستحباب لا للوجوب.

على كل حال الأحاديث في هذا كثيرة، وفيها ما يدل على الجواز وعلى عدمه، لكن ما جاء في ما يخص الأمة شيء يدل على الجواز إلا من فعله -عليه الصلاة والسلام- وهو يحتمل الخصوصية، وقد قيل به.

قال: "والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم" اجتمع في بعض النسخ: أجمع عليه أكثر أهل العلم، وهذا فيه شيء من التنافر؛ لأن الإجماع قول الكل لا قول الأكثر، إلا على رأي الطبري كما هو معروف، اجتمع أو أجمع عليه أكثر أهل العلم، يقول الحافظ العراقي:

أجمع جمهور أئمة الأثر ... . . . . . . . . .