بين الأذان الأول والثاني لصلاة الصبح؛ لأن لها أذانين، مطلوب، وهذا وقت فاضل يتطوع فيه، وبين الأذان الأول والثاني من يوم الجمعة، هذا باعتبار أن الأذان الأول ليس موجوداً على عهده -عليه الصلاة والسلام-، وإنما سنه عثمان -رضي الله عنه-، نقول: إنه لا يتصور أن يدخل في هذا الحديث؛ لأن المتكلم به وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقصده، ونحن نشاهد في الحرمين أنه إذا أذن الأول ثم فرغ من الأذان قام الناس يتطوعون، والفاصل بينهما بمقدار ركعتين، يعني خمس دقائق لا يزيد، فهل هو داخل في الحديث؟ الحث عليه يؤخذ من الحديث أو لا؟ باعتبار أن الأذان ليس موجوداً على عهده -عليه الصلاة والسلام- لا يتصور دخوله في الحديث، وإن كان الوقت وقت تطوع مطلق، لكنه لا يشمله ما جاء من الحث في هذا الحديث.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا هناد" وهو ابن السري، تقدم مراراً "قال: حدثنا وكيع" الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي، إمام من أئمة المسلمين وسيد من ساداتهم "عن كهمس بن الحسن" وثقه أحمد وابن معين "عن عبد الله بن بريدة" تابعي ثقة "عن عبد الله بن مغفل" صحابي جليل "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((بين كل أذانين صلاة)) " يعني نافلة، المقصود بالصلاة هنا النافلة، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، وهذا إن نظرنا إلى الإطلاق الاصطلاحي قلنا: هذا من باب التغليب كالعمرين والقمرين، من باب التغليب، وإذا نظرنا إلى الحقيقة اللغوية للفظين فهما أذانان، بمعنى أنهما إعلامان، الأول: إعلام بدخول الوقت، والثاني: إعلام بالقيام إلى الصلاة، فهما أذانان، حقيقة لغوية.
((لمن شاء)) في بعض الروايات: ثلاثاً، ((بين كل أذانين صلاة)) ثلاث مرات، ثم في النهاية قال:((لمن شاء)) يعني لا على سبيل الإلزام والتأكيد، فليست هذه الصلاة بمثابة السنن الرواتب المؤكدة، وإن كان بعض السنن الرواتب يدخل في هذا من باب التداخل، إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مؤداة والأخرى مقضية، دخلت الصغرى في الكبرى.