"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" واستدل بهذا الحديث من قال بجواز ذلك مطلقاً، ولم ير أثر للبنيان وأن هذا متأخر عن النهي، وهو حديث صحيح ما هو مثل حديث جابر فيه كلام، هذا حديث صحيح، استدل به من قال بجواز ذلك مطلقاً، عرفنا أنه قول عروة وربيعة وداود الظاهري، ومن قال بجوازه في البنيان كالإمام الشافعي والاستدلال به ظاهر لقول الإمام الشافعي، ومن جوز الاستدبار دون الاستقبال وهو قول أحمد فيما نسبه إليه الترمذي على ما تقدم، وهو ظاهر من قوله:"مستدبر الكعبة" ففيه أكثر من دلالة، الدلالة على الجواز مطلقاً، وهذا ظاهر بإلغاء الوصف الذي اعتبره بعض أهل العلم مؤثر، وبعض أهل العلم يرى أن الحاجز والبناء مؤثر فأجازه في البنيان دون الفضاء، منهم من رأى أن الاستقبال أشد من الاستدبار، فإذا جاز الاستدبار يمنع في الاستقبال ولا عكس، فأجازه في الاستدبار لهذا الحديث ورأى أن الوصف مؤثر في الحكم، فقصره عليه، فعلى كل حال استدل به الفرق الثلاث، من يقول بالجواز مطلقاً، ويرى أن الوصفين لا تأثير لهما في الحكم، لا الاستدبار ولا البنيان، ومنهم من استدل به على جواز ذلك في البنيان ورأى أن كونه في البيت في البنيان وصف مؤثر في الحكم فلا ينافي النهي المطلق، ومنهم من رأى أن هناك فرقاً بين الاستقبال والاستدبار، وأن الاستدبار أخف، فأجازه في هذه الصورة دون ما هو أشد منها.