"قال: وفي الباب عن عمر" أخرجه ابن ماجه والبيهقي "وبريدة" عند البزار "وعبد الرحمن بن حسنة" عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الدارقطني وغيره "قال أبو عيسى: حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح" يعني في حديث النفي، وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، وفيه شريك وهو يخطئ كثراً، هذا بالنسبة لحديث عائشة، وعلى تقدير ثبوته عنها على ما قيل في شريك القاضي من كثرة الأخطاء، على تقدير ثبوته يدل على أن هذه هي القاعدة والعادة منه -عليه الصلاة والسلام-، لكنها لا تنفي ما جاء في حديث حذيفة لعدم اطلاعها عليه؛ لأنها تذكر ما كان مما تتطلع عليه، وأما ما لم تتطلع عليه فالمثبت مقدم على النافي "وحديث عمر" المخرج عند ابن ماجه والبيهقي "إنما روي من حديث عبد الكريم بن أبي المخارق" أبو أمية البصري، متروك عند أئمة الحديث، أبو أمية عبد الكريم بن أبي المخارق هذا متروك، وخرج عنه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- على شدة تحريه وانتقاده للرجال، خرج عنه في الموطأ، والعادة أن مالك لا يروي إلا عن ثقة كما هو مقرر عند أهل العلم، لكن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- اغتر به "أغرني بكثرة جلوسه في المسجد" ولا شك أن الجلوس في المسجد محمدة، فالمسجد بيت كل تقي، وإذا اغتر الإمام مالك مع شدة تحريه ونقده للرواة بعبد الكريم بن أبي المخارق فله عذره وله وجه حينما اغتر بهذا الذي يكثر من الجلوس في المسجد، مع الأسف أن المسجد الآن يهجر إلا في أوقات الصلوات، مع أنه كان معمور على مر العصور معمور وهو محل الأعمال المتعلقة بالدين والدنيا كلها، حشا ما يصان عنه من لغو ولغط وبيع وشراء وما أشبه ذلك من أمور الدنيا، فإنه لم يبنَ لهذا؛ لكن الأمور التي تخص العامة من أمور دينهم ودنياهم أيضاً كل هذا كان موضعه المسجد، ولا مكان للنبي -عليه الصلاة والسلام- غير بيوته والمسجد.